شاهد بالصور لبدة .. المدينة الوردية .. أسطورة تاريخ ليبيا وافريقيا والبحر الأبيض

بين التاريخ وأساطيره الخيالية والحقيقية على السواء تأت مدينة لبدة الأثرية صاحبة القصة الشهيرة فى التاريخ ، والمعروفة بالمدينة الوردية، إنها حضارة لبدة التي تقع على بعد 3 كيلومتر من مدينة الخمس المعروفة حاليا في ليبيا.
تأسست في العهد الفينيقي بواسطة البحارة الكنعانيين الذين استخدموها كمرفأ في رحلاتهم على سواحل شمال أفريقيا.
ثم نمت هذه المدينة و ازدهرت بفضل موقعها الجغرافي المناسب و بسبب توفر الماء و التربة الخصبة و وسائل المواصلات فاشتهرت بإنتاجها الوفير من زيت الزيتون و سميت لبدة الكبرى كي تتميز عن مدينة لبدة في تونس.
و لقد حظيت مدينة لبدة بإهتمام خاص في عهد الإمبراطور سبتيميوس سيفيريوس 193-211م، الذي ولد فيها و أضاف لها العديد من المباني مثل منارة لبدة والآن لبدة تعد من أجمل المناطق الأثرية في منطقة البحر المتوسط، كما أنها من أكبر بقايا المدن الرومانية في العالم.
التسمية
كانت المدينة معروفة عند القرطاجيين باسم "لبكي" ثم حرفت الى "لبشس" ثم إلى "لبتس" لسهولة النطق في اللغة اليونانية ثم صارت "لبتس مانيا" ومعناها لبدة العظمى
تأريخ المدينة
ذكر هيرودوت واقعة كبيرة عند مصب "كنبس" وادي كعام. وقد اعتراها الانحطاط في أواخر القرن السادس ق م. وفي هذا الوقت حاولت مجموعة من الإغريق بقيادة الأمير الإسبرطي دوريوس، كون الإغريق آنذاك تركزو أساسا في برقة، أن تنشيء مستعمرة عند مصب نهر "كنبس" نهر عين كعام، منتهزة ما اعترى لبدة من التأخر وانحطاط، وقد تم لها ما أرادت. خاف القرطاجنيين تسرب النفوذ الإغريقي غربي سرت فلم يلبثوا أن هاجموها وخربوا مستعمرتها وطردوا الإغريق واستولوا على لبدة وما حولها، وأعادوا إليها ما فقدت من عمرانها وحضاراتها، وتوطد ملك القرطاجنيين فيما بين السرت الكبير والسرت الصغير، وأطلق على هذه المنطقة اسم "أمبوريا"، وصارت جزءا من أملاك قرطاجة، وبقيت لبدة المركز الرئيسي للمنطقة فيما بين السرتين، وتتمتع باستقلال داخلي، وبقيت تحت حكم القرطاجنيين إلى أوائل القرن الثاني قبل الميلاد.
وفي سنة 146م ، ظهر في لبدة " سيفير" وهو من إحدى الأسر الكريمة فيها، فتولى عرشها وعنى بشؤونها، ونشر فيها العلم والأمن، وأمعن في مطاردة المعتدين عليها من قبائل الجنوب حتى اقصاهم عنها، وعني برقيها الداخلي، فوفر لها سبل الحياة الصالحة بما أنشأ فيها من وسائل العمران والتقدم. وتقديرا لأعمال هذا الرجل المصلح واعترافا بإخلاصه أطلق السكان على أنفسهم اسم "الستيميين" تيمنا باسم ستيميو، واشتهروا بذلك.
في القرن الثالث الميلادي ، زمن الإمبراطور سيبتيموس سيفيروس ، من سنة 193 إلى 211م ، وزمن ألكسندر سيفيروس من سنة 222 إلى سنة 235م ، بلغت لبدة مبلغا عظيما في الحضارة والتقدم العمراني ، وفي هذا العصر كان سكانها خليطا من الليبيين والقرطاجنيين والروم والإغريق، وبلغ عددهم ثمانين ألفا. وكانت أويا "طرابلس" في هذا العهد لم يمكنها من مزاحمة لبدة في النفوذ والسلطان. وفي القرن الرابع أصدر دقيانوس أمره بإعطاء أويا لقب ولاية، وكانت لبدة لها الصدارة، فأخذت أويا تزاحمها في صدراتها ومكانتها. وفيما بين سنتي 363 ، 366 من القرن الرابع م ، اعتدى الاستريانون على ولاية لبدة فألحقوا بها أضرارا بالغة، وفي هذه الفترة أصيبت بفيضان كبير من وادي عين كعام فحطم الجسور والأسوار، وكان له أسوأ الأثر في شل الأيدي العاملة، وتسرب اليأس إلى النفوس من القدرة على الإصلاح. فأهمل شأنها ، وزحفت الرمال عليها، ودبت روح التمرد في القبائل القاطنة حولها. ولم تأت سنة 533م حتى حولت هذه القبائل الفوضوية المدينة إلى خراب ، وطمع البيزنطيون في احتلالها.
وفي سنة 643م ، وصلت إليها طلائع العرب الأولى للفتح الإسلامي، فلم تجد في لبدة من العمران إلا بقايا من قصورها العظيمة ودورها الفخمة، وإلا بقايا من السكان خليطا من أجناس متعددة يعيشون فيما بقي من خرائب دورها وقصورها.
مسرح لبدة الكبرى
يتميز موقع المدينة بقربها من مناطق زراعية مهمة مثل مرتفعات الحسان الثلاث (ترهونة ونهر السنبس ووادي كعام). وللتدليل على مدى ثرائها وغناها، أن الإمبراطور الروماني يوليوس قيصر أنزل بها عقوبة لمساندتها لخصمه بومبيي الذي هزمه سنة 48 ق. م، بلغت ثلاثة ملايين رطل من زيت الزيتون سنوياً. وعلى الرغم من تلك الجزية المجحفة فقد ازدهرت مدينة لبده لتبلغ شأناً كبيراً في القرن الثاني الميلادي خاصة عندما اعتلى عرش الإمبراطورية الرومانية أحد أبنائها سيبتيموس سيفيروس (193 م- 211 م) الذي امتد حكم عائلته للإمبراطورية إلى سنة 235 م. وأثناء هذه الفترة شهدت مدينة لبده أكبر توسعاتها، حيث شيدت الساحة السويرية والايوان السويري (البزيلكة) والشارع المعمد ونبع الحوريات وقوس النصر لسبتيموس سويروس ومنارة لبدة.