الأرشيف

سافر.. ففي الأسفار خمس فوائد

يقول الإمام الشافعي في فوائد السفر:

تغرب عن الأوطان في طلب العلى

وسافر ففي الأسفار خمس فوائد

تفريج هم واكتساب معيـــشة

يقول الإمام الشافعي في فوائد السفر:

تغرب عن الأوطان في طلب العلى

وسافر ففي الأسفار خمس فوائد

تفريج هم واكتساب معيـــشة

وعلـــم وآداب وصحـــــبة ماجد.

ويقول أيضا:

سافر تجد عوضا عمن تفارقه

وانصب فإن لذيذ العيش في النصب

إني رأيت وقوف الماء يفســده

ان ساح طاب وإن لم يسح لم يطـب

والشمس لو وقفت في الفلك دائمة

لملها الناس من عجم ومن عرب

قطعا.. لا ينطبق ما قاله الشافعي على سفر اليوم، فتفريج الهم أصبحت له وسائله وطرقه التي بالإمكان تحقيقها، وأنت لم تغادر غرفتك وليس وطنك وحسب.. أما اكتساب المعيشة فقد وفرت التكنولوجيا والإنترنت ما يتيح للإنسان العمل في أي بقعة على الأرض دون أن يغادر أرضه، فالشركات العالمية ومتعددة الجنسيات يعمل أغلب موظفيها من مواقعهم.. فعلى سبيل المثال، هنالك آلاف العاملين فيها من الجنسية الهندية يعملون في الشركة من الهند!

أما العلم والآداب فقد أصبحت نوافذهما أوسع من مجرد انتقال بالطائرة من موقع إلى آخر.. وتأتي «صحبة الماجد» وفقا لشعر الإمام الشافعي لتطرح معضلة العصر، حيث تحول هذا «الماجد» إلى جهاز محمول نتحدث إليه حتى ونحن في فراشنا!

السفر في الماضي اختلف عنه في الحاضر بشكل دراماتيكي، فوسائل الاتصال قديما كانت محدودة جدا إن لم تكن معدومة في أحيان كثيرة، أما اليوم فإنك تعيش الحدث كما لو كنت في قلبه.. فتتفاعل معه بشكل لا يختلف عن القريبين منه!

اعتدت.. ومنذ بدايتي مع القبس في عام 1991، والطليعة في

عام 1992، أن أتوقف عن الكتابة خلال شهري الصيف.. وابتعد قليلا عن وهج السياسة وشؤونها وتدفق أحداثها خصوصا المؤلم منها.

كان ذلك ممكنا إلى حد ما في حقبة التسعينات، لكن مع دخول الألفية الثالثة أصبح الحدث يسافر عبر المكان والزمان بسرعة الضوء، وأصبحت معه مسألة الابتعاد شبه مستحيلة.

ولعل أكثر الأحداث ألما على الصعيد المحلي، كانت في وقوف البطل الكويتي فهيد الديحاني ليتسلم أول ذهبية للعرب في الأولمبياد، ولكن تحت علم الأولمبياد وليس علم الكويت! ليتضاعف الألم فيما بعد مع وقوف الكويتي عبد الله الرشيدي متسلما الميدالية البرونزية من دون أن يصدح السلام الوطني الكويتي.. ومن دون أن يرفرف علم الكويت! يحدث ذلك بعد ان اغتصبت السياسة وصراعاتها حرم الرياضة وساحة الشباب!

الآلام العربية التي حدثت هذا الصيف أكبر بكثير من حجم هذا المقال، فسوريا الجريحة دمرها الظالمون.. ورقصوا فوق أشلاء الأبرياء ودموع الثكالى، والعالم بين متفرج وصامت ومستاء وقلق ومندّد!، اما العراق فقد دخل بعد متاهة الحروب العبثية في نفق الفساد المظلم، وأصبح من أعلى الدول في معدلات الفساد الإداري والمالي.

جروح العرب كثيرة، لكن الآمال أكبر.. ويبقى الصيف وإجازته استمرارية للتفاعل مع كل الأحداث حال وقوعها، فالعالم القرية أصبح أصغر من ان ينقطع الإنسان عما يدور فيه.. والتكنولوجيا أصبحت تربطنا بالحدث بشكل فوري ومباشر.. ولم يعد لما قاله الإمام الشافعي موقع في حركة الحياة اليوم ووتيرتها السريعة بشكل جنوني.

سعاد فهد المعجل

[email protected]

Suadalmojel@

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى