مصر تستخدم دور الموضة العالمية للترويج لمقاصدها السياحية
ديور الفرنسية بعد ريتشي الايطالية

القاهرة– فرانس برس
من معابد الأقصر إلى أهرام الجيزة، تستضيف معالم تاريخية شهيرة في مصر حفلات موسيقيةوعروض أزياء ومعارض، بهدف الإفادة من تراث مصر العريق لتعزيز صورتها كوجهة سياحية رئيسيةتستقطب العلامات التجارية الكبرى.
وقدمت دار ديور الفرنسية الاسبوع الماضي عرض أزياء لمجموعتها الرجالية في مجمع أهرام الجيزة قربالقاهرة، في حدث هو الأول لها في مصر. وفي أكتوبر، استضاف معبد حتشبسوت في مدينة الأقصرفي جنوب البلاد عرض أزياء للمصمم الإيطالي ستيفانو ريتشي.
وأوضح رئيس مجموعة ديور بييترو بيتشاري لوكالة فرانس برس أن الدار الفرنسية العريقة اختارت مجمعالأهرام لإقامة العرض لأنها “أكثر بكثير من مجرد خلفية“، إذ استلهمت في مجموعتها الجديدة بعنوان“سيليستيال” (“سماوي“) من تاريخ مصر القديمة.
ولعل احتفالية “موكب المومياوات” الكبيرة التي أقيمت في مصر العام الماضي، في مشهد بثّته شاشاتالتلفزيون في العالم، كان لها أثر في جذب الزوار إلى بلد يساهم قطاع السياحة في ناتجه القوميبنسبة 10 % تقريبا.
وحتى من قبل احتفالية الموكب الذهبي، ظلت المواقع الأثرية
الفرعونية مقصدا لمشاهير العالم من الفنانينفي مختلف المجالات، إذ قدمت فرقتا الهيب هوب والروك العالميتان “بلاك أيد بيز” و“ريد هوت تشيليبيبرز” عروضا عند سفح أهرامات الجيزة. كما عرض الفنان الفرنسي جي آر صورا له هناك.
وترى مؤرخة الفن المصرية البارزة بهية شهاب أن مثل هذه العروض “تشجع العلامات التجارية الأخرىوالناشطين الثقافيين الدوليين على المجيء إلى مصر“.
وأكد على ذلك مصور الأزياء المصري محسن عثمان، قائلا إنه “من الضروري تنظيم مثل هذه الفعالياتفي مصر“، إذ إن دار أزياء بحجم ديور “تجلب معها ميزانية ضخمة“، متمنيا أن يعمل ذلك على “دعمالمصممين الشباب الذين قد يضعون مصر على خريطة الموضة العالمية“.
وبالفعل قدمت دار الأزياء الفرنسية الفاخرة بالمان في أيلول/سبتمبر خلال أسبوع الموضة في باريس،أعمالا تحمل علامة تجارية مصرية باسم “أختين“، في إشارة إلى شقيقتين شابتين من مصر صممتاالمنتجات.
ورغم نجاح منتجات “أختين” في اختراق أسبوع الموضة الباريسي، لا يزال تصدير منتجات دور الموضةالمصرية إلى الخارج عملية معقدة، في ظل الحاجة إلى إعادة النظر في طريقة عمل هذا القطاع.
ويقول عثمان إن معظم ممثلي هذا القطاع “هم أشخاص علّموا أنفسهم بأنفسهم وعملوا جاهدين بمواردقليلة للوصول إلى المستوى المطلوب من العلامات التجارية العالمية“.
من جهتها، قالت إنجي اسماعيل التي تعمل وكالتها “فلير” في مجال استشارات العلامات التجاريةالفاخرة، لوكالة فرانس برس “لدينا مجموعة كبيرة من المصممين الشباب والذين يمكنهم مع بعض التدريبالمهني .. أن يحولوا الإبداع إلى منتجات“.
وعلى الرغم من ذلك، شهدت السوق المصرية في مجالي الأزياء والمجوهرات الفاخرة طفرة لافتة، إذ تقولاسماعيل أن عدد العلامات التجارية المحلية ارتفع “من أقل من مئة ماركة مصرية إلى أكثر من ألف علامةتجارية اليوم“.
وأوضحت اسماعيل أن هذه الزيادة الكبيرة بدأت في العام 2016 بعد قرار البنك المركزي المصريبتخفيض قيمة العملة المحلية بواقع 50 % تقريبا أمام الدولار الأميركي، ما حرم البلد العربي الأكبر علىصعيد عدد السكان مع أكثر من 104 ملايين نسمة، من القدرة على الاستيراد.
وفي مواجهة خفض الواردات، حسب ما تقول اسماعيل، “نشأت سوق محلية“، خصوصا وأن “(طبقة) الـ1 % الأكثر ثراءً كافية لإيجاد الطلب” في بلد يضم 86 ألف شخص من أصحاب الثروات التي تتخطىمليون دولار، وفق مصرف “كريدي سويس“.
وقالت “إن منافسة أخيرة نظمتها مجموعة فوغ الايطالية مكّنت ماركات مصرية من المشاركة في أسبوعالموضة بميلانو“.
ولكن تبدو هذه التسهيلات غير كافية بالنسبة للمبدعين المحليين الذين يشتكون من الروتين الإداري علىصعيد إجراءات الجمارك وصعوبة الحصول على تأشيرات سفر.
وتقول نادين عبد الغفار، التي تنظم وكالتها “آرت ديجيبت” معرضا سنويا للفن المعاصر في منطقةأهرامات الجيزة، إن “سماح الحكومة (المصرية) لآرت ديجيبت وديور بتنظيم فعاليات عند سفحالأهرامات يُعد خطوة كبيرة“.
وترى عبد الغفار أن القاهرة تشكل نقطة جذب بفضل قدرتها على “الدمج بين الفن والتراث المعاصروالقديم“.
وتقول شهاب أستاذة الجامعة الأميركية بالقاهرة لوكالة فرانس برس إن مصر أصبحت “تدرك بشكلمتزايد تأثير القوة الناعمة“، معتمدة على “الثقافة في ابراز صورتها“.
وتقول عبد الغفار إنه من الضروري أن تؤسس السلطات وحدة مخصصة لتنظيم المسيرات والمعارضوحتى الحفلات الموسيقية وتصوير الأفلام في الأماكن الأثرية المؤهلة لذلك.
وتضيف شهاب في السياق نفسه أنه “إذا كان هناك قطاع واحد نخسر فيه الكثير من الفرص، فهوالسينما“، موضحة “فقدنا العديد من كبار المنتجين الدوليين الذين لجأوا إلى المغرب أو حتى السعودية” لعدم وجود تصاريح للتصوير في مصر.
وبسبب هذه التعقيدات، اضطر القائمون على مسلسل “مون نايت” (“فارس القمر“)، أحد أحدثإنتاجات استوديوهات مارفل الهوليوودية والذي يدور حول شخصية بطل خارق مُنح القوة من أحد الآلهةالمصرية القديمة، إلى استحداث ديكورات تحيل المشاهدين إلى القاهرة… في بودابست.