المدن الأوروبية تواجه أزمة السياحة المفرطة: رسوم جديدة لمكافحة التدفق الزائد
تشهد المدن الأوروبية أزمة متصاعدة بسبب فوضى السياحة المفرطة (Overtourism)، والتي تستمر في التأثير السلبي على الوجهات السياحية، مما يثير القلق بشأن استدامة السياحة في العديد من الأماكن.
تعاني هذه المدن من مشكلات بيئية كبيرة، بما في ذلك تلوث الطبيعة وتدهور الأماكن التاريخية، فضلاً عن التأثيرات السلبية على السكان المحليين، مثل ارتفاع تكلفة المعيشة وزيادة الازدحام.
هذه الظاهرة تهدد أيضاً الثقافة المحلية وتغير طابع المدن والقرى السياحية بشكل قد يكون غير قابل للتصحيح.
تتجسد مشكلة السياحة المفرطة في أمثلة واضحة مثل مدينة سينترا في البرتغال، حيث يواجه السكان المحليون تدفقاً هائلاً من الزوار.
يحكي مارتينهو دي ألمادا بيمينتيل، أحد سكان المدينة، عن معاناته مع التدفق السياحي المفرط قائلاً: “عندما يلاحظ الزوار جرس باب منزلي، يسحبون الخيط لأنه يبدو طريفاً، لكن ما يشعرني بالإحباط هو الازدحام والضجيج الناتج عن ذلك.”
في بعض الأحيان، يصل عدد الزوار إلى أكثر من 3 ملايين سنويًا، مما يجعل المدينة التي كانت تعتبر من أغنى المناطق في البرتغال بفضل مناظرها الطبيعية الخلابة، مكاناً يعاني من الاختناقات المرورية والزحام الشديد.
هذه الزيادة الكبيرة في عدد الزوار تضع ضغوطاً هائلة على البنية التحتية والبيئة المحلية، مما يثير تساؤلات حول كيفية الحفاظ على توازن بين استقطاب السياح وحماية المناطق التاريخية والطبيعية.
وفي خطوة لمواجهة هذه المشكلة، بدأت بعض المدن الأوروبية في فرض رسوم على السياح للحد من التدفق المفرط والتخفيف من الآثار الضارة لهذه الظاهرة.
على سبيل المثال، أصبحت مدينة البندقية الإيطالية في أبريل الماضي أول مدينة في العالم تفرض رسوماً على السياح اليوميين. تهدف هذه الخطوة إلى تخفيف الضغط على المعالم السياحية التاريخية مثل القنوات الشهيرة، وتشجيع السياح على زيارة المدينة في أوقات أقل ازدحاماً.
تؤكد التقارير أن السياحة العالمية تشهد نمواً ملحوظاً في عام 2024، حيث من المتوقع أن تسجل أرقاماً قياسية جديدة بعد فترة التوقف الطويلة التي تسببت فيها جائحة فيروس كورونا.
يتزايد التوجه نحو السفر، مدفوعاً بما يعرف برحلات الانتقام، وحملات البدو الرقميين، وما يُطلق عليه التأشيرات الذهبية.
جميع هذه العوامل تسهم في زيادة الضغط على الوجهات السياحية، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار المساكن والضغوط على البنية التحتية.
بالمجمل، تعكس أزمة السياحة المفرطة في أوروبا التحديات الكبيرة التي تواجه المدن السياحية العالمية في محاولة الحفاظ على استدامة البيئة والتراث الثقافي، بينما تستمر في جذب السياح من مختلف أنحاء العالم.