انتعاش قوي للسياحة العالمية: 790 مليون سائح دولي في الأشهر السبعة الأولى من 2024
شهدت السياحة العالمية انتعاشاً ملحوظاً في عام 2024، حيث اقتربت مستويات الحركة السياحية من تلك التي كانت سائدة قبل جائحة كورونا.
وفقاً لأحدث تقرير صادر عن منظمة السياحة العالمية، بلغ عدد السياح الدوليين خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري نحو 790 مليون سائح، ما يمثل ارتفاعاً بنسبة 11% مقارنة بنفس الفترة من عام 2023، وهو مؤشر قوي على تعافي القطاع.
السياحة في أوروبا وآسيا تقود الانتعاش
هذا الانتعاش جاء مدفوعاً بالطلب القوي على السياحة في أوروبا وإعادة فتح الأسواق في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وتعتبر أوروبا من أكثر الوجهات استقطاباً للسياح، حيث استرجعت حوالي 99% من مستويات السياحة التي كانت قد سجلتها قبل الجائحة في عام 2019. بينما حققت منطقة آسيا والمحيط الهادئ نمواً ملحوظاً، إذ بلغت نسبة السياحة فيها 86% مقارنة بمستويات عام 2019، مع تحسن تدريجي في الأشهر الأخيرة، حيث ارتفعت النسبة من 82% في بداية العام إلى 85% في يونيو و86% في يوليو.
الشرق الأوسط يواصل النمو القوي
الشرق الأوسط تصدر مناطق العالم من حيث النمو النسبي في أعداد السياح، حيث شهد زيادة بنسبة 26% مقارنة بمستويات عام 2019. هذه الأرقام تعكس قوة الانتعاش في هذه المنطقة التي تستمر في تعزيز مكانتها كوجهة رئيسية للسياحة الدولية.
أداء متفاوت في المناطق الأخرى
في أفريقيا، سجلت السياحة نمواً معتدلاً بنسبة 7% مقارنة بعام 2019، في حين استرجعت الأمريكتان حوالي 97% من مستويات ما قبل الجائحة. على الرغم من الأداء الإيجابي في العديد من المناطق، إلا أن السياحة الدولية في بعض الوجهات ما زالت تتعافى بوتيرة أبطأ، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والجيوسياسية التي تؤثر على قدرة بعض الدول على جذب السياح.
التعافي الكامل يلوح في الأفق
استناداً إلى البيانات الشهرية والفصلية المقدمة من 120 وجهة حول العالم، تشير التقديرات إلى أن 67 دولة قد استعادت بالفعل مستويات السياحة المسجلة في عام 2019 خلال النصف الأول من عام 2024. هذا التعافي يعتبر خطوة مهمة نحو استعادة القطاع السياحي قوته الكاملة، خصوصاً أن التوقعات تشير إلى استمرار الأداء الإيجابي حتى نهاية العام الحالي.
ورغم أن الربع الثاني من العام شهد تباطؤاً نسبياً في النشاط السياحي، إلا أن النتائج تتماشى مع توقعات منظمة السياحة العالمية، التي ترى أن العام 2024 سيشهد عودة كاملة للسياحة الدولية، رغم وجود تحديات مثل ارتفاع تكاليف النقل والإقامة، والتوترات الاقتصادية، ونقص العمالة، بالإضافة إلى الظروف الجوية القاسية.
انتعاش إيرادات السياحة
أما فيما يتعلق بإيرادات السياحة الدولية، فقد أظهرت البيانات المتاحة من 63 دولة أن 47 دولة قد استعادت مستويات الإيرادات التي حققتها قبل الجائحة في النصف الأول من العام. في بعض هذه الدول، سجلت الإيرادات نمواً مزدوج الرقم، مما يعكس الطلب المتزايد على السفر والسياحة، وزيادة إنفاق السياح في الوجهات العالمية.
تحديات مستقبلية
ورغم هذه الإيجابيات، تواجه السياحة العالمية تحديات كبيرة في الأشهر القادمة. فقد أشار تقرير منظمة السياحة العالمية إلى أن ارتفاع أسعار النقل والإقامة يعتبر من أبرز التحديات التي تؤثر على قدرة السياح على السفر. بالإضافة إلى ذلك، يستمر الوضع الاقتصادي العالمي المتقلب ونقص العمالة في بعض المناطق في تشكيل تحديات للقطاع.
كما أن الظروف الجوية القاسية، التي تفاقمت بسبب التغير المناخي، تلقي بظلالها على قطاع السياحة، حيث تؤثر على بعض الوجهات السياحية وتجعل التخطيط للسفر أكثر تعقيداً.
نظرة مستقبلية
في تعليق له على هذه النتائج، أكد زوراب بولوليكاشفيلي، الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية، أن “السياحة الدولية تسير على الطريق الصحيح نحو تحقيق انتعاش كامل بعد الأزمة الكبرى التي ضربت هذا القطاع”. ورغم التحديات الاقتصادية والجيوسياسية والبيئية المستمرة، يعبر بولوليكاشفيلي عن تفاؤله باستمرار الأداء الإيجابي حتى نهاية العام 2024، مشيراً إلى أن القطاع السياحي يمتلك القدرة على التكيف مع المتغيرات العالمية والاستمرار في النمو.
ختاماً، يعتبر انتعاش السياحة الدولية في عام 2024 إشارة قوية على قدرة هذا القطاع على التعافي والتأقلم مع التحديات العالمية، ويعدّ ذلك خطوة مهمة نحو استعادة الحياة الطبيعية في قطاع السفر والسياحة بعد أكبر أزمة واجهها في تاريخه.