السعودية تعتمد 500 موقع جديد في سجل التراث العمراني لتسجل 4540 موقعاً ثقافياً وتاريخياً
في خطوة تعزز من رؤية المملكة في الحفاظ على تاريخها العريق، أعلنت هيئة التراث عن تسجيل 500 موقع تراثي جديد ضمن سجل التراث العمراني في المملكة، ليصل العدد الإجمالي للمواقع المسجلة إلى 4540 موقعًا موزعة على مختلف المناطق.
وتعكس هذه المواقع الغنى الثقافي والعمق الحضاري للمملكة، حيث شهدت تعاقب العديد من الحضارات التي تركت بصمتها في شتى أرجائها، ما يجعلها وجهة عالمية للتراث والثقافة.
تفاصيل المواقع المسجلة حديثًا
تم توزيع المواقع الجديدة التي أدرجت في السجل بشكل متنوع في مناطق المملكة، حيث جاءت منطقة الرياض في المقدمة بعدد 413 موقعًا، تليها منطقة مكة المكرمة بـ39 موقعًا، ثم منطقة الباحة التي أضيفت فيها 25 موقعًا.
كذلك شملت القائمة منطقة حائل بـ6 مواقع، ومنطقة جازان بـ5 مواقع، ومنطقة عسير بـ4 مواقع. كما تم تسجيل موقعين في كل من المنطقة الشرقية، ومنطقة نجران، ومنطقة الجوف، بينما أضيف موقع واحد في كل من منطقتي تبوك والقصيم.
وتبرز هذه المواقع بما تحمله من إرث تاريخي وقصص من الزمن الماضي، مما يعكس تفرّد وتنوّع النسيج الحضاري للمملكة.
جهود مستمرة لتوثيق التراث الوطني
تأتي هذه الإضافات في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها هيئة التراث على مدار العام لتسجيل وتوثيق المواقع التراثية في المملكة، إذ تسعى الهيئة بشكل دائم لاستكشاف المزيد من المواقع التاريخية التي لم يتم توثيقها سابقًا.
ومن خلال برامج وأبحاث مستدامة، تعمل الهيئة على إعداد خطط شاملة لإدارة وحماية هذه المواقع، ما يضمن الحفاظ على هذا التراث الثمين واستدامته للأجيال القادمة.
وأوضح المتحدث باسم هيئة التراث أن هذه الجهود تأتي ضمن رؤية شاملة تعكس اهتمام القيادة السعودية بالحفاظ على التراث الوطني، وتنفيذًا لخطط التنمية المستدامة التي تهدف إلى تعزيز مكانة المملكة كوجهة سياحية ثقافية.
وأكد أن الهيئة تعمل ضمن إطارٍ تعاوني مع المؤسسات الأكاديمية والمنظمات الدولية في هذا المجال، حيث تسهم هذه الشراكات في تحقيق مستوى عالٍ من حماية المواقع التراثية وإدارة عمليات الترميم والتوثيق بطرق علمية حديثة.
دور المجتمع في الحفاظ على التراث
تشجيعًا لمشاركة المجتمع في حماية التراث الوطني، دعت هيئة التراث المواطنين والمقيمين للإبلاغ عن المواقع التراثية غير الموثقة، وذلك من خلال منصة “بلاغ” الإلكترونية وحسابات الهيئة الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى فروعها المنتشرة في مختلف أنحاء المملكة. وتؤكد الهيئة أن التعاون مع المجتمع يعد من أهم الأدوات في اكتشاف مواقع جديدة وإضافتها إلى سجل التراث، ما يساهم في إثراء التراث العمراني ويعزز الجهود الرامية للحفاظ عليه.
وأشار مسؤول في الهيئة إلى أن التبليغ عن المواقع التراثية يسهم في الكشف عن الكنوز الثقافية التي قد تكون غير معروفة، حيث يمكن لهذه المواقع أن تقدم نظرة أعمق عن تاريخ المملكة وحضاراتها المتعاقبة.
وتقدم منصة “بلاغ” تسهيلات كبيرة لتشجيع المواطنين والمقيمين على التفاعل والإبلاغ بسهولة عن أي مواقع قد تكون جديرة بالتسجيل ضمن سجل التراث العمراني.
أهمية حماية وإدارة المواقع التراثية
تولي هيئة التراث اهتمامًا كبيرًا بإعداد خطط شاملة لإدارة وصون المواقع المسجلة، إذ تتضمن هذه الخطط عمليات صيانة دورية وتحديثات للبنية التحتية للمواقع بما يضمن بقاؤها في حالة جيدة ويمنع تدهورها على مر السنين. وتستخدم الهيئة أحدث التقنيات في علم الآثار والترميم، مما يساعد على الحفاظ على تفاصيل المواقع الدقيقة ونقلها بأمان للأجيال القادمة. كما أن برامج الحماية لا تقتصر على الجانب المادي فقط، بل تشمل أيضًا توعية المجتمع بأهمية هذه المواقع وضرورة المحافظة عليها.
من جانب آخر، تعزز الهيئة من برامجها التدريبية المخصصة للكوادر المحلية بهدف تنمية قدراتهم في مجالات التنقيب والترميم والتوثيق، ما يسهم في بناء جيل مؤهل للمشاركة في عمليات الحفاظ على التراث الثقافي للمملكة وتطويره، وذلك تماشيًا مع رؤية المملكة 2030 التي تركز على استثمار الشباب في المجالات الثقافية والتراثية.
تطلعات مستقبلية لتعزيز دور المملكة كوجهة ثقافية
يمثل إدراج المزيد من المواقع في سجل التراث العمراني جزءًا من مساعي المملكة لتعزيز مكانتها على خارطة السياحة الثقافية العالمية.
ومع الزيادة المستمرة في عدد المواقع المسجلة، تفتح المملكة آفاقًا جديدة لاستقبال السياح والباحثين في مجالات التاريخ والآثار، وتوفير بيئة حاضنة للفعاليات الثقافية والندوات التي تسلط الضوء على الإرث الحضاري للمملكة.
كما تخطط هيئة التراث لتنظيم ورش عمل ومعارض دولية تستعرض التراث العمراني السعودي، بالإضافة إلى تنظيم جولات سياحية تثقيفية بالتعاون مع وكالات السفر، ما يوفر فرصًا للمواطنين والمقيمين والسياح لاكتشاف المملكة من منظور تاريخي عريق.
ومن المتوقع أن يسهم تنامي الاهتمام بالمواقع التراثية في تعزيز الاقتصاد المحلي وتنمية السياحة الثقافية، بما يتماشى مع أهداف رؤية 2030 في تحقيق التنوع الاقتصادي وزيادة مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي.
في الختام، يمثل تسجيل 500 موقع جديد في سجل التراث العمراني خطوة متقدمة نحو تعزيز الإرث الحضاري للمملكة والحفاظ على تاريخها العريق، مما يمهد الطريق أمام المملكة لتكون نموذجًا رائدًا في مجال حماية التراث الثقافي ووجهة عالمية لعشاق التراث.