جبل القرين الأبيض.. معلم تاريخي يشرف على الحرم المكي

يعد جبل القرين الأبيض من أبرز المعالم الجغرافية والتاريخية في محافظة مدركة، ويقع شمال شرق مكة المكرمة على مسافة تقارب 140 كيلومتراً.

هذا الجبل، الذي يتناغم مع الطبيعة الصحراوية المحيطة به، يتميز بلونه الأبيض الثلجي اللامع الذي يلفت الأنظار من بعيد، حيث يبرز على سلسلة الجبال السوداء التي تشتهر بها المنطقة.

يعد جبل القرين الأبيض من الجبال التي لها مكانة خاصة في قلوب المسلمين، إذ يعتبر جزءاً من السلسلة الجبلية التي تتمتع بقدسية كبيرة بفضل قربها من الحرم المكي الشريف.

ما يجعل هذا الجبل أكثر تميزاً هو تركيبته الجغرافية، حيث تتكون صخوره من حجر أبيض بارد، وهو ما يضيف إلى الجبل طابعاً خاصاً من حيث الملمس واللون.

وقد شرف الله جبل القرين الأبيض بأن يكون جزءاً من المواد المستخدمة في بناء الحرم المكي الشريف، حيث تم استخراج الرخام الأبيض من صخور الجبل لتغطية أرضيات الحرم، ليكون هذا الجبل أحد عناصر بيته الحرام.

هذه الحقيقة تعزز من قيمة الجبل التاريخية والدينية، حيث يلامس ترابه الطاهر أقدام الحجاج والمعتمرين الذين يتوافدون من جميع أنحاء العالم لأداء مناسكهم.

يتميز هذا الجبل ببرودة صخوره، وهو ما يجعله مصدراً للراحة والبرودة لأقدام الطائفين الذين يمرون بالقرب منه في طريقهم إلى المسجد الحرام. هذا البرود في الصخور يعكس حرارة الشمس التي تشهدها مكة المكرمة في أشهر الصيف الحارقة، مما يوفر راحة كبيرة للزوار والمصلين في الأماكن المقدسة.

بالإضافة إلى ذلك، يمثل هذا الجبل رمزاً للطبيعة الجميلة التي تضاف إلى الطقوس الروحانية للمكان، حيث يستمتع الزوار بالهدوء الذي يحيط بالجبل ويشعرون بالسكينة وسط الجبال الشاهقة التي تحيط بمكة المكرمة.

إن جبل القرين الأبيض لا يمثل فقط معلمًا جغرافيًا في تلك المنطقة، بل إنه جزء من التاريخ الإسلامي الذي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالتراث الديني للمدينة المقدسة، كما أنه يشهد على عراقة الأماكن المقدسة ويمثل رابطًا حيًّا بين الماضي والحاضر. فكل من يزور مكة المكرمة لا يمكنه أن يمر بالقرب من جبل القرين الأبيض دون أن يشعر بعظمة هذا المكان الذي حمل جزءًا من قدسية الحرم الشريف.

في النهاية، يظل جبل القرين الأبيض من الأماكن التي تحمل في طياتها عبق التاريخ وجمال الطبيعة، ما يجعله جزءاً لا يتجزأ من هوية مكة المكرمة.