قلعة “خِصلف” في العلا.. رمز الصمود ومقاومة الاحتلال العثماني
تعد قلعة “خِصلف” التاريخية، الواقعة في قرية ثِربَه التابعة لمحافظة العلا، واحدة من أبرز معالم المقاومة الوطنية في المملكة العربية السعودية.
تعتبر هذه القلعة رمزًا من رموز شجاعة أبناء العلا وصمودهم في وجه الاحتلال العثماني، حيث شكلت نقطة استراتيجية هامة بسبب موقعها على سكة القطار التي استخدمها العثمانيون لنقل الإمدادات العسكرية والتنقل بين المناطق، إلا أن هذه القلعة لم تكن مجرد نقطة عسكرية، بل كانت محطًا لبطولاتٍ وتضحياتٍ جسّد فيها أبناء العلا روح المقاومة والتمسك بالكرامة.
موقع استراتيجي ودور محوري في مقاومة العثمانيين
قلعة “خِصلف” التي تعود إلى العصور القديمة، تقع في موقع حيوي على سكة القطار التي كانت تربط مدن العثمانيين في منطقة الشام بالحجاز.
وقد كانت القلعة نقطة محورية في مقاومة أبناء العلا للاحتلال العثماني، حيث استخدمها العثمانيون في البداية كمركز لاحتجاز المعارضين والمقاومين.
يقول منيف الميهوبي، أحد أبناء العلا المتخصصين في تاريخ المنطقة: “منذ دخول العثمانيين إلى العلا، لم يتوقف أبناء القبائل عن المقاومة، وكانت قلعة خِصلف تُستخدم كمركز للتعذيب، وأي شخص يدخلها كان يُعتبر في عداد المفقودين. أما النجاة والخروج منها فكان يُعد معجزة”.
ويضيف الميهوبي: “ابتكر أبناء العلا العديد من الوسائل للتصدي للعدو العثماني. كان من أبرز هذه الأساليب تفكيك السكة الحديدية باستخدام جلود الإبل والشحم المذاب، ما أعاق تحركات العثمانيين، إضافة إلى تكتيك ردع آخر تمثل في إغلاق منابع المياه والعيون في المنطقة، مما دفع المعتدين لردم هذه الموارد في محاولة يائسة لقتل المقاومين عطشًا”.
آثار المعركة وصمود أبناء العلا
خلال زيارة قامت بها “أخبار 24” إلى قلعة “خِصلف”، تم اكتشاف العديد من الآثار التي تحفظ ذكريات تلك المرحلة الصعبة في تاريخ العلا، فالقلعة، التي ما زالت تحتفظ بجدرانها المظلمة وآثارها، تُعد شاهدة على مرحلة من أكبر محطات الصمود التي شهدتها المنطقة، حيث أصرّ أبناء العلا على التصدي بكل الوسائل المتاحة للاحتلال العثماني، رغم شدة القمع والاضطهاد.
وتُظهر الجولة داخل القلعة كيف كانت تُدار المعركة على الأرض، وما جرى من مقاومة حاسمة ضد محاولات السيطرة على المنطقة، لا تزال القلعة تقف شامخة رغم العوامل الزمنية، لتكون شاهدة على قصة تُسجل في التاريخ السعودي بمثابة درس للأجيال القادمة حول الصمود والوفاء للوطن.
قلعة خِصلف: إرث من البطولات
اليوم، تُعتبر قلعة “خِصلف” أكثر من مجرد معلم تاريخي؛ فهي رمز للبطولة والتضحية. فهي تجسد روح الوطنيّة التي لا تقتصر على تلك المرحلة من التاريخ، بل تعكس إرثًا من القيم التي يبني عليها السعوديون اليوم هويتهم الوطنية، إن القلعة تمثل رمزًا للتماسك الشعبي في مقاومة الظلم، وتروي عبر جدرانها المظلمة قصص شجاعة وصبر وتصميم لا مثيل له.
من خلال هذه القصص البطولية التي سطرها أبناء العلا، تظهر القلعة ليس فقط كمعلم سياحي، بل كمصدر إلهام لجميع السعوديين حول قوة إرادتهم في مواجهة الصعاب.
وتظل قلعة “خِصلف” محط اهتمام المؤرخين والزوار، وتستحق أن تروى قصتها للأجيال القادمة لتعريفهم بالبطولات التي لا تُنسى.