إسبانيا تبدأ جمع بيانات مفصلة عن السياح في إطار مكافحة الجريمة المنظمة
بدأت إسبانيا تنفيذ إجراءات جديدة لجمع معلومات شخصية مفصلة عن السياح، تأتي هذه الإجراءات في إطار مرسوم ملكي صدر حديثًا ويستهدف مكافحة الأنشطة الإجرامية من خلال فرض إجراءات مشددة على قطاع السياحة.
وبموجب المرسوم الجديد، سيُطلب من جميع السياح تقديم معلومات مفصلة عند حجز الإقامة أو تأجير السيارات في مختلف أنحاء إسبانيا، وتشمل البيانات التي سيتم جمعها أكثر من 40 معلومة لكل شخص عند حجز الإقامة وأكثر من 60 معلومة عند تأجير السيارات.
ستشمل هذه المعلومات التفاصيل الشخصية للسائح، مثل العنوان المنزلي، وأرقام الهواتف، بالإضافة إلى معلومات عن العلاقات العائلية، وبيانات الدفع، وعدد الأشخاص في المجموعة.
وتهدف هذه البيانات إلى تعزيز قدرة السلطات الإسبانية على مراقبة الأنشطة السياحية وضمان سلامة المواطنين والزوار على حد سواء.
كما سيتم تحميل هذه البيانات على منصة مركزية تتم مراقبتها من قبل القوات الأمنية الإسبانية، التي ستكون قادرة على الوصول إلى هذه المعلومات بسرعة في حال كان هناك أي نشاط مشبوه.
تسري هذه التدابير على جميع مناطق إسبانيا، بما في ذلك إسبانيا القارية والجزر التابعة لها مثل جزر البليار وجزر الكناري، وستواجه المؤسسات السياحية التي لا تلتزم بهذه الإجراءات غرامات مالية قد تصل إلى 30 ألف يورو، ما يفرض عليها ضرورة الامتثال التام لهذه التعليمات الجديدة.
ومن جهة أخرى، أثار هذا القرار احتجاجات واسعة من قبل العاملين في قطاع السياحة والفنادق في إسبانيا، فقد عبّر خورخي ماريتشال، رئيس الاتحاد الإسباني للفنادق (CEHAT)، عن قلقه البالغ إزاء تأثير هذه الإجراءات على القطاع السياحي.
وأوضح ماريتشال أن الاتحاد يدرس حاليًا اتخاذ إجراءات قانونية ضد هذه التدابير، مشيرًا إلى أن جمع بيانات مفصلة بهذا الشكل قد يؤدي إلى تراجع الإقبال السياحي بسبب قلق الزوار من تعرض بياناتهم الشخصية للانتهاك.
وأضاف أن هذه الإجراءات قد تخلق أجواء من الشك بين السياح وتؤثر سلبًا على تجربة الزوار، الأمر الذي قد يؤدي إلى تراجع في أعداد السياح القادمين إلى البلاد.
وفي الوقت الذي ترى فيه الحكومة الإسبانية أن هذه الإجراءات ضرورية لمكافحة الجريمة المنظمة، يعتبر المعارضون لها أن جمع هذا الكم الهائل من البيانات يمكن أن يشكل تهديدًا للخصوصية، إذ يخشى البعض من أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى انتهاك حقوق الأفراد وحرياتهم الشخصية، خاصة في ظل القلق المتزايد بشأن كيفية تخزين وحماية هذه البيانات.
وقد أشار الخبراء في مجال السياحة إلى أن هذه التدابير قد تؤدي إلى تكاليف إضافية على الشركات السياحية التي ستضطر إلى تخصيص موارد إضافية لجمع هذه البيانات وتخزينها.
كما سيحتاج العاملون في هذا القطاع إلى تدريب خاص للتعامل مع المعلومات الشخصية بطريقة تضمن عدم حدوث أي تسريب أو انتهاك للخصوصية.
من ناحية أخرى، تؤكد الحكومة الإسبانية أن هذه الإجراءات لا تهدف إلى الحد من تدفق السياح إلى البلاد، بل على العكس، تسعى إلى تعزيز مستوى الأمان.
كما يشير المسؤولون إلى أن جمع البيانات هو جزء من الجهود المستمرة لمكافحة الجرائم المنظمة التي تستهدف السياحة والأنشطة الاقتصادية في البلاد، بما في ذلك عمليات غسيل الأموال والاتجار بالبشر.
وتعكس هذه الخطوة التحديات التي تواجهها الدول في تحقيق التوازن بين ضمان الأمن والحفاظ على الخصوصية في عصر المعلومات.
في الوقت نفسه، تطرح تساؤلات حول كيفية ضمان حماية بيانات السياح ومدى تأثير ذلك على صناعة السياحة في إسبانيا التي تعتبر واحدة من أكبر اقتصادات السياحة في العالم.
تترقب الأوساط السياحية في إسبانيا وما وراءها نتائج هذه الإجراءات الجديدة ومدى تأثيرها على حركة السياحة في البلاد، خاصة في ظل التوترات القائمة بين الحكومة وقطاع السياحة بشأن توازن الأمن والخصوصية.