ميدان الثقافة بجدة التاريخية.. ملتقى مميز بين التراث المعماري والتطور الفني
في خطوة تعكس التزام المملكة العربية السعودية بتطوير مشهدها الثقافي والحفاظ على هويتها التراثية، أطلقت وزارة الثقافة ميدان الثقافة في جدة التاريخية، ليكون بمثابة معلم حضاري فريد من نوعه، يعكس الروح العريقة للمدينة ويمزج بين عبق الماضي وتطورات الحاضر.
يقع هذا المشروع الفريد في قلب جدة التاريخية، ليشكل نقطة اتصال ثقافية ربطت بين الفنون التقليدية والابتكار المعاصر، ويعزز مكانة المدينة كوجهة ثقافية رائدة.
مشروع يدمج الفنون والتكنولوجيا في قلب جدة
يعد ميدان الثقافة أحد أبرز المعالم الثقافية في المملكة، حيث يوفر مراكز متخصصة ومتنوعة في مجالات الفنون والثقافة، يشتمل المشروع على مركز الفنون المسرحية، الذي يحتوي على مسرح وسينما، بالإضافة إلى متحف الفنون الرقمية “تيم لاب بلا حدود”، الحاصل على جائزة مكة للتميز في فرع التميز الثقافي.
يقع هذا المتحف على ضفاف بحيرة الأربعين، حيث يطل على منطقة جدة التاريخية، ويشكل إضافة قيمة للمشهد الثقافي في المملكة.
يشمل ميدان الثقافة مبنيين رئيسيين بمساحة بناء إجمالية تبلغ حوالي 26 ألف متر مربع، يمتد مركز الفنون المسرحية والسينما على مساحة 16 ألف متر مربع، ويتضمن منشآت متعددة تشمل قاعة مسرح رئيسية تتسع لـ 868 مقعدًا، بالإضافة إلى خمس قاعات سينما تتسع لـ 564 مقعدًا، وسينماتيك، ومطاعم، وثلاثة مقاهٍ.
كما يضم ميدان الثقافة قرابة 80 عملًا فنيًا مميزًا في متحف “تيم لاب بلا حدود” الذي يربط بين الفنون والتكنولوجيا والطبيعة، مما يقدم تجربة ثقافية فريدة تدمج الإبداع بالواقع.
يعد “بيت أمير البحر” أحد المعالم المهمة في ميدان الثقافة، حيث يقع بين مركز الفنون المسرحية ومتحف “تيم لاب بلا حدود”، يعد هذا البيت من أبرز المعالم التاريخية في المنطقة، وقد تم ترميمه في إطار جهود البرنامج للحفاظ على التراث المعماري والثقافي.
يتميز البيت بتصميمه المعماري الفريد الذي يتكون من طابق واحد على شكل هندسي ثماني، محاط بنوافذ كبيرة على شكل أقواس، وكان يُستخدم في الماضي منارًا لإرشاد السفن، ويأتي ترميم البيت ليعكس الثراء الثقافي المتأصل في الموقع، مما يجعل المكان نقطة جذب ثقافية وفنية.
في قلب هذا المشروع، يظهر التناغم بين التراث والابتكار، حيث تم مراعاة الربط بين الزمان والمكان في تصميم المرافق واستخداماتها.
يقدم مركز الفنون المسرحية فعاليات متنوعة، تشمل عروضًا مسرحية، مهرجانات عالمية، وجلسات سينمائية، بالإضافة إلى مطاعم ومقاهٍ تمثل نقاط تجمع حيوية للزوار.
في المقابل، يعكس متحف “تيم لاب بلا حدود” الطابع الحديث للفن السعودي من خلال مزجه بين الفن والعلم والتكنولوجيا، حيث يتيح للزوار التفاعل مع الأعمال الفنية بطريقة فريدة تعكس فلسفة المركز التي تقوم على الانسجام بين الزائر والفن.
وقد تم تصميم المباني في ميدان الثقافة بعناية لتسهم في استدامة المشروع، حيث يتماشى مع فلسفة “تيم لاب” التي تهدف إلى تحقيق الانسجام التام بين المكان والزوار.
في هذا السياق، يتميز المبنى بسطحه المائل نحو المسطحات المحيطة، مما يعزز فكرة الاندماج الكامل مع البيئة المحيطة ويخلق بيئة فنية متكاملة.
حرص المشروع على استخدام تقنيات حديثة لضمان راحة الزوار والحفاظ على البيئة، فقد تم تزويد المباني بوحدات تكييف عالية الجودة مزودة بتقنيات تنقية الهواء بنسبة 100%، كما تم تركيب مصاعد تعمل بدون لمس وسلالم كهربائية مزودة بتقنية تعقيم بالأشعة فوق البنفسجية.
تضاف هذه الإجراءات إلى أنظمة متطورة في إدارة الموارد المائية، حيث يتم إعادة تدوير مياه التكثيف الناتجة عن وحدات التبريد لري المساحات الخضراء المحيطة، مما يعزز من كفاءة استهلاك الموارد الطبيعية ويساهم في حماية البيئة.
يعد ميدان الثقافة في جدة التاريخية نموذجًا لدمج التراث والفن والتكنولوجيا، مما يسهم في تعزيز التجربة الثقافية للفرد ويجعل من المنطقة وجهة سياحية عالمية، يعكس المشروع رؤية المملكة 2030 في تطوير قطاع الثقافة والفنون وتحقيق الاستدامة في مجالات متعددة.
عبر هذا الميدان، تقدم جدة نفسها كمدينة حية تستشرف المستقبل، بينما تظل محافظة على تراثها العريق، ليكون ميدان الثقافة شاهدًا على تطور المدينة واحتفائها بماضيها ومستقبلها الثقافي.