النحت.. فن يجسد التراث ويسهم في تعزيز الهوية الثقافية بالمملكة العربية السعودية
يعتبر النحت أحد أقدم الفنون التي عرفتها البشرية، وقد حظي بمكانة مرموقة في المملكة العربية السعودية، حيث يمثل وسيلة تعبيرية عن الهوية الثقافية والتراث العريق.
ومن خلال مزجه بين الأصالة والتجديد، يعزز النحت القيم الثقافية والفنية ويسهم في إبراز التنوع الثقافي المحلي والعالمي.
النحت بين التراث والحداثة
النحت في السعودية يمثل جسرًا بين الماضي والحاضر، حيث يجسد الأعمال الفنية المتنوعة التي تربط التراث الوطني بالعصر الحديث.
ويعتبر مهرجان الملك عبد العزيز للإبل، الذي يعد من أبرز المنصات الثقافية في المملكة، أبرز مثال على ذلك. في نسخته التاسعة، التي تحمل شعار “عز لأهلها”، سلط المهرجان الضوء على النحت كفن يعبر عن الهوية الوطنية ويعكس البُعد الثقافي العميق للمملكة.
ويستقطب المهرجان الفنانين والمبدعين من مختلف أنحاء المملكة لعرض أعمالهم الفنية في أجواء تعكس التمازج بين التراث العربي الأصيل والابتكارات الحديثة.
وتظهر منحوتات الفنانين السعوديين التي تتنوع في مضامينها وأساليبها تأثيرات واضحة من التراث السعودي، حيث يتجسد ذلك في العديد من الأعمال التي تعرضها الأجنحة المخصصة لهذا الفن.
منحوتات الفنان عبد الرحمن الزاحم
من أبرز الأعمال التي لفتت الأنظار في المهرجان كانت منحوتات الفنان السعودي عبد الرحمن الزاحم. ويعتبر الزاحم أحد الفنانين البارزين في مجال النحت، حيث اختار أن يتخصص في نحت الإبل والأدوات القديمة التي تعد جزءًا من التراث السعودي.
وتتميز منحوتاته بأسلوب فني مبتكر، حيث يبرز من خلالها الحيوية والتفاصيل الدقيقة التي تعكس أصالة المملكة العربية السعودية.
يُظهر الزاحم في أعماله، التي تم عرضها في أروقة المهرجان في أطراف الصياهد الجنوبية، قدرة فنية عالية في إعادة إحياء الرموز التراثية.
ويرى الزاحم أن نحت الإبل والأدوات التراثية لا يُعد مجرد أعمال فنية، بل هو وسيلة للحفاظ على الهوية الثقافية والربط بين الأجيال الحالية والماضية.
وأشار الزاحم إلى أن اهتمامه بفن النحت بدأ منذ سنوات طويلة، وتحول مع مرور الوقت إلى إرث عائلي. فقد قام بتعليم ابنته أساسيات الحرفة الفنية، ليؤهل بذلك جيلًا جديدًا من المبدعين في مجال النحت. وتتميز منحوتاته بكونها تأخذ وقتًا طويلاً لإتمامها، حيث قد يصل زمن إنجاز العمل إلى أكثر من 240 يومًا.
دور مهرجان الملك عبد العزيز للإبل في دعم النحت
يعد مهرجان الملك عبد العزيز للإبل أكثر من مجرد حدث ثقافي، فهو يمثل منصة فنية تحتفي بالفنون المختلفة، بما في ذلك النحت.
وقد أسهم المهرجان في دعم الفن السعودي من خلال توفير مساحات مخصصة للفنانين لعرض أعمالهم، مما ساعد في ربط التراث السعودي بالفن المعاصر. كما يُعد المهرجان رافدًا اقتصاديًا وسياحيًا هائلًا، مما يعزز مكانة الإبل والتراث المرتبط بها في الثقافة الوطنية.
ويأتي مهرجان الإبل بمثابة ملتقى للفنون والتراث، حيث لا يقتصر دوره على تقديم عروض فنية، بل يتعداه ليصبح وسيلة للاحتفاظ بالتراث الثقافي السعودي. إذ إن الأعمال الفنية التي تُعرض تمثل مرآة للتاريخ والهوية الثقافية، بما في ذلك منحوتات الفنانين الذين يعكسون الارتباط العميق بين الماضي والحاضر في المملكة.
النحت كمحفز للإبداع الثقافي
النحت في السعودية أصبح ليس فقط ساحة للفنانين لعرض مهاراتهم، بل أيضًا محفزًا للإبداع الثقافي والفني. إن قدرة النحت على دمج التراث بالابتكار تمنح المملكة مكانة فنية متميزة على الصعيدين المحلي والدولي. ويعتبر النحت من أوسع وسائل التعبير عن القيم الثقافية، ويعزز من تعزيز الهوية السعودية التي تجمع بين الأصالة والتحديث.
النحت في المملكة العربية السعودية يعد رمزًا من رموز الهوية الوطنية والثقافية، وهو يعكس التمازج بين الماضي العريق والمستقبل الواعد.
من خلال مشاركته الفعالة في مهرجان الملك عبد العزيز للإبل، يقدم النحت ليس فقط لوحة فنية بل أيضًا رسالة ثقافية تعزز الانتماء الوطني. من خلال دعم هذا الفن، تواصل المملكة إرساء قيم الإبداع والابتكار التي تجعل من تراثها الثقافي مصدر فخر للأجيال القادمة.