“كمأ القصيم”.. ثروة طبيعية غنية بالفوائد الغذائية والطبية
تتميز منطقة القصيم بكونها واحدة من أبرز مناطق المملكة في زراعة نبات الفقع المعروف أيضًا بـ”الكمأ”. في هذا الوقت من كل عام، ينطلق مهرجان الفقع في المنطقة للسنة الرابعة على التوالي، مستقطبًا الزوار من مختلف أنحاء المملكة، ليحتفلوا بهذا النبات الذي لا يقتصر استخدامه على القيمة الغذائية العالية فحسب، بل يمتد ليشمل فوائده الطبية العديدة.
الفقع أو الكمأ الذي يشتهر في منطقة القصيم له مكانة خاصة بين النباتات الطبيعية. لا تقتصر أهمية هذا النبات على مذاقه المميز، بل يمتلك أيضًا فوائد طبية حيث يعتبر “ماء الكمأة” كما ورد في الحديث النبوي الشريف: “الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين”. إضافة إلى ذلك، يعد الفقع من المصادر المهمة لتوفير أعلاف طبيعية للحيوانات الرعوية في المنطقة.
تعود أسباب نجاح زراعة الفقع في القصيم إلى العوامل البيئية المثالية التي تساهم في إنتاجه بكميات كبيرة. تتمتع منطقة القصيم بتربة خصبة وأراضٍ بكر غنية بالموارد الطبيعية مثل الماء العذب، وهو ما يعزز من قدرة النباتات على النمو. كذلك، تعد أجواء المنطقة معتدلة، ما يخلق بيئة مثالية لزراعة الفقع. وتبرز مناطق شمال القصيم مثل شري والسعيرة كأبرز أماكن زراعة الفقع، حيث ينتشر نبات الرقروق الذي يعتبر من العناصر الأساسية لنجاح الزراعة.
توجد أربعة أنواع من الفقع في القصيم، وتتميز كل منها بمذاق خاص. أولها وأشهرها هو “الزبيدي”، الذي يعتبر الأفضل من حيث الطعم والجودة. يليه “الجباء” و”الخلاسي”، وفي نهاية الموسم يظهر نوع “البلوخ”، وهو الأخير في الموسم. تتطلب زراعة الفقع معرفة دقيقة بتقلبات الطقس، حيث يبدأ مزارعو القصيم في مراقبة درجات الحرارة بعد الوسم بعشرة أيام، وفي هذه الفترة تحديدًا من منتصف سبتمبر، يبدأ ري الأراضي المزروعة لنبات الرقروق.
وفقًا لما ذكره المهندس عبدالكريم الرشيد، أحد مزارعي المنطقة، تبدأ زراعة الفقع في شمال القصيم في 20 نوفمبر، أي قبل بداية فصل المربعانية بـ 17 يومًا. هذا التوقيت المحدد يعد حاسمًا لنجاح زراعة الفقع، حيث تظهر الفطريات التي تشكل الكمأ بعد حوالي 50 يومًا من الري.
يُعد مهرجان الفقع في القصيم واحدًا من أبرز الفعاليات الزراعية في المملكة. يُقام هذا العام للسنة الرابعة على التوالي، ويستمر لمدة 10 أيام، ويشهد مشاركة كبيرة من المزارعين والحرفيين. يتضمن المهرجان 18 ركنًا لعرض منتجات الفقع، بالإضافة إلى ساحة مخصصة للمزاد لبيع هذا النبات الثمين. كما يخصص المهرجان 32 ركنًا للأسر المنتجة، إلى جانب أركان أخرى لعرض منتجات غذائية تقليدية مثل التمور والعسل.
يركز المهرجان على تسليط الضوء على الفوائد الاقتصادية للفقع، من خلال تشجيع الاستثمار في الزراعة المستدامة وتطوير صناعة الكمأ في المنطقة. كما يعزز الحدث من مكانة القصيم كوجهة سياحية زراعية، تواكب التطور السياحي في المملكة.