متاحف الدرعية.. مرآة تاريخية للهوية الوطنية السعودية
الدرعية، تلك المدينة التاريخية التي تحمل بين طياتها العديد من الحكايات والذكريات، تعد واحدة من أبرز المعالم التي تجسد تاريخ المملكة العربية السعودية وتوحيدها، فهي ليست مجرد مدينة، بل هي مركز تاريخي غني بالأحداث التي شكلت نواة قيام الدولة السعودية الأولى.
في هذا السياق، تلعب المتاحف في الدرعية دورًا أساسيًا في الحفاظ على هذا التراث العريق ونقله للأجيال القادمة، حيث تقدم نافذة مثالية للاستكشاف والاطلاع على تاريخ المملكة.
تضم الدرعية عددًا من المتاحف التي تركز على جوانب متعددة من التراث السعودي، تقدم هذه المتاحف تنوعًا من حيث العروض والمحتوى المتخصص الذي يعكس الحياة الاجتماعية، الحرفية، العسكرية والاقتصادية في فترة تأسيس الدولة السعودية.
متحف الدرعية بقصر سلوى، أحد أهم هذه المتاحف، يهدف إلى التعريف بتاريخ الدولة السعودية الأولى، يعرض المتحف مكونات تاريخية متنوعة من اللوحات والمجسمات، بالإضافة إلى الأفلام الوثائقية التي تروي حكاية القصر وتاريخ المنطقة.
يتيح المتحف للزوار تجربة فريدة من نوعها بين الأطلال المرممة، حيث يمكنهم التجول في أروقة القصر التاريخي الذي كان مركزًا للحكم في ذلك الوقت.
أما متحف الحياة الاجتماعية فيتخصص في عرض تفاصيل الحياة اليومية خلال الدولة السعودية الأولى، يتيح المتحف للزوار التعرف على نمط الحياة والمهن والمناسبات الاجتماعية التي كانت سائدة آنذاك، من خلال جولات في قصر عمر بن سعود والمباني الطينية المجاورة له.
كما يشمل المعرض عرضًا لطرق البناء التقليدية في المنطقة، إضافة إلى تقديم تجربة معيشية تقليدية من خلال بيوت الإيجار اليومية التي تم ترميمها لهذا الغرض.
متحف الخيل العربية يعرض تاريخ الخيل العربية وأصولها، ويستعرض خصائصها وكيفية تربيتها في تلك الحقبة الزمنية. يحتوي المتحف على قسمين: الأول يعرض المقتنيات المتعلقة بالخيل وتاريخها في الدولة السعودية الأولى، بينما يقدم القسم الثاني عرضًا حيًا لعدد من الخيول العربية.
من جانب آخر، يعرض المتحف الحربي أدوات ووسائل الحرب المستخدمة في تلك الفترة، بالإضافة إلى تسليط الضوء على المعارك المهمة والتكتيك الحربي الذي اتبعته الدولة السعودية الأولى للدفاع عن أراضيها.
يُعد قصر ثنيان بن سعود أحد أبرز المعالم التي تم ترميمها لتكون مقرًا لهذا المتحف، حيث قدم القصر دورًا فعالًا في الدفاع عن الدرعية.
متحف التجارة وبيت المال يعكس الجانب الاقتصادي في تاريخ الدرعية. يعرض المتحف وسائل التجارة والنظام الاقتصادي خلال الدولة السعودية الأولى، كما يقدم لمحة عن العملة والموازين المستخدمة في تلك الفترة. يحتوي أيضًا على معلومات عن الوقف وكرم الضيافة التي كانت سمة بارزة في تلك الحقبة.
وأخيرًا، متحف العمارة التقليدية يركز على تاريخ فن البناء في منطقة نجد. يعرض المتحف تقنيات البناء التي كانت مستخدمة في بناء المنازل في الدرعية، بالإضافة إلى معلومات عن فن البناء بالطين على مستوى العالم.
تعتبر هذه المتاحف في الدرعية شهادة حية على إبداع الأجداد وتاريخ المملكة، حيث تعكس بفخر تطور الدولة السعودية الأولى وتبرز الإرث الحضاري الذي يمثل أساسًا لتاريخ المملكة الحديثة.
من خلال هذه المتاحف، تصبح الدرعية مركزًا ثقافيًا يعكس هوية المملكة ويتيح للزوار الاستمتاع بالتجربة الثقافية الفريدة التي تسلط الضوء على الماضي وتربط الأجيال الجديدة بماضٍ عريق.