رحيل الأسترالي جيمس هاريسون.. المتبرع الذي أنقذ ملايين الأطفال

فقدت أستراليا واحدًا من أبرز المتبرعين بالدم في تاريخها، حيث توفي جيمس هاريسون عن عمر ناهز 88 عامًا، تاركًا وراءه إرثًا طبيًا استثنائيًا.
عُرف هاريسون بلقب “الرجل ذو الذراع الذهبية”، نظرًا لاحتواء بلازما دمه على جسم مضاد نادر ساعد في إنقاذ حياة نحو 2.4 مليون جنين، عبر تبرعاته المستمرة على مدار 64 عامًا.
بحسب الصليب الأحمر الأسترالي، فقد كان دم هاريسون يحتوي على الغلوبيولين المناعي Rho (دي)، وهو عنصر حيوي يُستخدم في تصنيع دواء يُعطى للأمهات المعرضات لخطر إصابة أجنتهن بمرض انحلال الدم للجنين وحديثي الولادة (HDFN)، وهي حالة خطيرة يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات صحية قاتلة للجنين. نظراً لندرة هذا الجسم المضاد بين المتبرعين، فإن تبرعات هاريسون لعبت دورًا حاسمًا في حماية ملايين الأطفال.
بدأت رحلة هاريسون مع التبرع بالدم في سن مبكرة بعد خضوعه لعملية جراحية كبرى تطلبت نقل كميات كبيرة من الدم لإنقاذه. هذه التجربة ألهمته لبدء التبرع بالبلازما بانتظام، ولم يتوقف عن ذلك إلا عندما بلغ عمره 81 عامًا، حيث تبرع بالبلازما 1173 مرة، وهو رقم قياسي على مستوى أستراليا.
التزامه بالتبرع لم يكن مجرد واجب إنساني، بل أصبح جزءًا أساسيًا من حياته، حيث لم يفوّت موعدًا واحدًا للتبرع طوال تلك العقود.
لم يكن تأثير تبرعات هاريسون محصورًا على الغرباء فقط، بل امتد ليشمل عائلته أيضًا. فقد كان حمل ابنته تريسي ميلوشيب خاليًا من المضاعفات بفضل العلاج الذي ساهم في إنتاجه، وهو ما جعلها تشعر بامتنان عميق لما قدمه والدها.
في حديث لها مع وسائل الإعلام الأسترالية، أكدت أن والدها كان فخورًا جدًا بما أنجزه، وأنه كان يدرك تمامًا حجم التأثير الإيجابي الذي تركه في حياة الملايين.
بحسب تقديرات الحكومة الأسترالية، فإن حوالي 17% من حالات الحمل تحتاج إلى العلاج الذي يُنتج باستخدام الغلوبيولين المناعي Rho (دي)، إلا أن المتبرعين الذين يمتلكون هذا الجسم المضاد نادرون جدًا، مما يجعل دور هاريسون أكثر أهمية. فقد استطاع، من خلال تبرعاته المستمرة، سد فجوة حيوية في النظام الصحي، والمساهمة في تقليل المخاطر الصحية التي تهدد الأجنة.
توفي هاريسون في دار رعاية المسنين على الساحل الغربي لأستراليا، لكنه ترك إرثًا إنسانيًا لا يُنسى، إذ سيظل اسمه محفورًا في تاريخ التبرع بالدم، بصفته الرجل الذي أهدى ملايين الأمهات فرصة احتضان أطفالهن بصحة وسلامة.