الورد الطائفي.. إرث ثقافي يزدهر عبر الأجيال

تعود صناعة “تولة” الورد الطائفي إلى مئات السنين، حيث استمر المزارعون في الطائف في صقل مهاراتهم في استخلاص العطور والمنتجات المرتبطة بالورد باستخدام تقنيات تقليدية تعتمد على دقة وإتقان، شهدت هذه الصناعة تطورات كبيرة على مر العصور، لكنها حافظت على جوهرها التراثي الذي يميزها.
انتشرت في الطائف أكثر من 70 منشأة متخصصة في تصنيع مشتقات الورد، حيث يتم تقطير نحو 100 ألف وردة يومياً، تنتج مزارع الطائف سنوياً أكثر من 550 مليون وردة، مما يعكس الترابط العميق بين سكان المنطقة وإرثهم الزراعي، أصبح الورد الطائفي جزءاً مهماً من الهوية الثقافية للمنطقة، ليس فقط في المملكة ولكن أيضاً على المستوى الدولي.
منذ القدم، كان أهالي الطائف يخرجون مع فجر كل يوم لقطف الورد الذي يتفتح في ساعات الصباح المبكرة، يروي المزارع خلف الطويرقي كيف تعلم هذه الحرفة من والده الذي أسس معمل تقطير في مزرعته، في تلك الأيام، كانت العملية تتطلب جهدًا كبيرًا من الأسرة لجمع كميات كبيرة من الأزهار، التي يصل عددها في اليوم الواحد إلى 100 ألف وردة.
يُستخدم في تصنيع “تولة” الورد الطائفي قدور نحاسية، حيث يوضع في هذه القدور ما بين 80 ألف إلى 100 ألف وردة، وتُشعل النار تحتها لتحويل الأزهار إلى بخار، ينتقل البخار عبر أنابيب إلى خزان ماء للتبريد، هذه العملية تساعد على تكثيف البخار وتحويله إلى مادة عطرية، تجمع في قنينة خاصة تُسمى “التلقية”، حيث يُستخلص العطر النقي.
يسترجع الطويرقي كيف كان الأجداد يستخرجون “تولة” الورد من نحو 70 ألف وردة باستخدام مواقد نارية في مبانٍ طينية صغيرة، وكانوا يضعون الأزهار في قدور نحاسية خاصة، ثم يقومون بتكثيف بخار الأزهار وتحويله إلى سائل نقي يسقط في وعاء زجاجي، بعد ذلك، يُعبأ المستخلص في زجاجات صغيرة لإنتاج دهن الورد أو ماء الورد الذي يستخدم في التطيب أو الطهي.
رغم التقدم التكنولوجي في صناعة العطور، لا تزال تقنيات الأجداد حاضرة في صناعة “تولة” الورد الطائفي، يستمر المزارعون في استخدام الأساليب التقليدية لتقطير الورد بهدف الحفاظ على جودة المنتج التي عُرفت بها هذه الصناعة.
يعد ذلك انعكاساً لالتزام المنطقة بالحفاظ على تراثها الثقافي، حيث يعمل العديد من المزارعين على تحسين الإنتاج لتلبية الطلب المتزايد محلياً وعالمياً.
إن استمرارية هذه الصناعة، بكل ما تحمله من تقاليد وأصالة، يعزز من مكانة الورد الطائفي كمنتج سعودي فريد من نوعه، ويعكس التزام الطائف في الحفاظ على هوية ثقافية مميزة.