طشقند تفتح ذراعيها للسياح بتجارب نابضة بالتاريخ والثقافة

تحولت مدينة طشقند إلى وجهة سياحية تجذب الزائرين من مختلف أنحاء العالم. لم تَعُد العاصمة الأوزبكية مجرد محطة انتقال أو وجهة إدارية، بل أصبحت مركزاً حيوياً لتجارب تدمج بين التراث الإسلامي والموروث السوفيتي، وتعرض نموذجاً حياً لتعايش التقاليد مع مظاهر الحداثة.
يبدأ السائح رحلته عادة من بازار تشورسو، يلامس تنوع الألوان في هذا السوق القديم أعين الزائرين منذ اللحظة الأولى، تتكدس التوابل، والحلويات المحلية، والفواكه الطازجة في صفوف منظمة تحت قبة السوق الضخمة، يجد المهتمون بالحرف اليدوية تحفاً يدوية تقليدية مثل الكورباتشا والشابان وسط أجواء نابضة بالحياة الشعبية.
يعبر كثيرون بعد ذلك إلى مكتبة مويي مبارك في ساحة خاست إمام، يضم المتحف مصحف عثمان، أقدم نسخة معروفة من القرآن الكريم، ما يمنح المكان قدسية خاصة، تنقل المعروضات في هذه المكتبة الزوار إلى القرون الوسطى، حيث يتعرفون على المخطوطات الفريدة وأشكال الخط والزخرفة الإسلامية.
يتجه المهتمون بالفنون إلى بيت التصوير الفوتوغرافي، هذا المكان يعرض أعمال مصورين محليين وعالميين في معارض دائمة ومؤقتة، ويُعد أحد أهم المعالم الفنية الحديثة في المدينة.
يستكشف الزائر أيضاً مسجد ماينور، بتصميمه الأبيض ومئذنته العالية، تعكس تفاصيل المسجد أسلوب العمارة الإسلامية المعاصرة في أوزبكستان، وتوفر قاعة الصلاة الرئيسية ذات التصميم الدائري مشهداً جمالياً فريداً.
يصعد البعض إلى برج التلفزيون، حيث المشهد البانورامي لطشقند يظهر من ارتفاع 100 متر، يمنحك هذا البرج السوفيتي الطراز فرصة فريدة لمشاهدة تخطيط المدينة وتضاريسها من أعلى، رغم منع التصوير في الداخل.
يُقبل الزوار على حديقة نافوي، وهي المساحة الخضراء الأكبر في المدينة، تحيط بها مبانٍ من الحقبة السوفيتية إلى جانب منشآت جديدة، ما يخلق تبايناً بصرياً مثيراً للانتباه، يمكنك الجلوس فيها أو التجول على الأقدام لمسافات طويلة دون ملل.
يتوقف الزوار عادة عند تمثال تيمورلنك في قلب المدينة، ينطلق منه شارع أمير تيمور الشهير، وتُحيط به المباني الإدارية والمتاحف، التمثال يُجسِّد مؤسس أوزبكستان التاريخي، بينما تبقى قصته وحكاياته سبباً رئيسياً لزيارة الكثيرين.
ينتقل بعض السياح إلى قصر الاستقلال، المعروف سابقاً باسم قصر الصداقة، وهو من الأبنية النادرة التي احتفظت بتصميمها السوفيتي، يثير القصر اهتمام محبي العمارة الغريبة وغير التقليدية.
يُكمل المهتمون بالتاريخ رحلتهم نحو قصر رومانوف، أحد آثار الحقبة القيصرية، رغم إغلاقه حالياً أمام الزوار، إلا أن تفاصيل بنائه وأسواره الخارجية تكشف عن تاريخ منسيّ يعود إلى أواخر القرن التاسع عشر.
تفتح طشقند أمام زائريها فرصاً متعددة لتجارب متنوعة، كل ركن فيها يروي حكاية، وكل زاوية تعكس مرحلة من تاريخ آسيا الوسطى، تُشكل المدينة نموذجاً فريداً للسياحة الثقافية يمكن استكشافه دون الحاجة للتنقل خارج حدود العاصمة.