سوشيال ميديا

اكتشف سحر ليتشي مدينة الفن والضوء الإيطالية

انطلقت شهرة مدينة ليتشي الواقعة في جنوب إيطاليا لتصبح واحدة من أبرز الوجهات السياحية التي تجذب الأنظار بفضل هندستها المعمارية الباروكية الفريدة وتاريخها العريق الممتد لأكثر من ألفي عام.

وتلقّب هذه المدينة الساحرة بـ”فلورنسا الجنوب” لما تضمه من فنون راقية وزخارف حجرية مذهلة تشبه إلى حد بعيد ما تزخر به مدينة فلورنسا، العاصمة التاريخية لعصر النهضة في إيطاليا، هذا التشابه لم يأتِ من فراغ، بل نبع من مزيج استثنائي من العمارة، والحرف اليدوية، والضوء الذهبي الذي ينساب على مبانيها القديمة ليمنحها بريقًا خاصًا.

تميّزت ليتشي باستخدامها للحجر الجيري المحلي، وهو حجر ذهبي ناعم وسهل النحت، ما أتاح للمعماريين تحويل الكنائس والقصور إلى تحف فنية نابضة بالحياة، وقد برز هذا الأسلوب تحديدًا في أسلوب “الباروك الليتشي”، الذي أصبحت المدينة رمزًا له.

وفي قلب هذه المدينة التي أسسها شعب الميساپي القادم من شرق البحر الأدرياتيكي، يمكن للزوار أن يسيروا في شوارعها المرصوفة ويشعروا وكأنهم يسافرون عبر الزمن، محاطين بالتفاصيل الفنية الدقيقة والنقوش التي تحاكي عصور البذخ المعماري.

أُطلق على ليتشي لقب “فلورنسا الجنوب” لأول مرة في القرن الثامن عشر، حين زارها الفيلسوف البريطاني جورج بيركلي خلال رحلته إلى إقليم بوليا، وعند وصوله إليها، فوجئ بمدينة آمنة خلف الأسوار، تنبض بالفن والحياة، خلافًا للصورة النمطية السائدة آنذاك عن جنوب إيطاليا.

لاحقًا، شاعت هذه التسمية على لسان المؤرخ الألماني فرديناند جريجوروفيوس، لتصبح مرادفًا لجمال ليتشي ومكانتها في تاريخ العمارة الإيطالية.

ولعل من أبرز رموز هذه المدينة النابضة بالحياة هو النحات الشهير رينزو بوتاتزو، الذي لا يزال يقيم ورش عمل فنية في “حديقة رينزو” لتعريف الزائرين بالحرف التقليدية التي شكّلت هوية المدينة، في هذه المساحة الفنية، يعرض رينزو أعماله التي تنوعت بين الساعات والمصابيح المنحوتة من الحجر، وصولًا إلى القطع التجريدية المعاصرة، وقد كُرّم عام 2001 بوسام الاستحقاق للجمهورية الإيطالية، تقديرًا لإسهاماته الثقافية والفنية.

إلى جانب أعمال رينزو، تضم ليتشي العديد من المعالم التاريخية التي لا ينبغي تفويتها، ومنها ساحة الكاتدرائية وبازيليكا سانتا كروتشي التي تدهش الزوار بواجهتها المزيّنة بمنحوتات باروكية دقيقة، فضلًا عن قلعة كارلو الخامس التي شيّدها الإمبراطور لحماية المدينة، والمدرّج الروماني الذي يقع في قلبها ويُظهر مكانتها كمركز حضاري في العصور القديمة، إن زيارة ليتشي ليست مجرد رحلة سياحية، بل تجربة حسية وفكرية تغمر الزائر بعبق التاريخ وروعة الفن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى