مالقا الأندلسية تروي تاريخها في قلب إسبانيا

تقع مدينة مالقا في الجنوب الإسباني ضمن منطقة الأندلس التي تتمتع بالحكم الذاتي، وتحديدًا على ساحل كوستا ديل صول المعروف بساحل الشمس.
وتمتد المدينة بسكانها الذين يقارب عددهم 600 ألف نسمة لتشكل ثاني أكبر المدن في الأندلس من حيث عدد السكان بعد إشبيلية، والسادسة على مستوى البلاد، ما يجعلها مركزًا حضريًا حيويًا له تأثير واضح في الجنوب الإسباني.
اشتهرت مالقا عالميًا كونها مسقط رأس الفنان بابلو بيكاسو، أحد أبرز رواد الفن التشكيلي الحديث، مما أكسب المدينة بعدًا ثقافيًا لا يزال يجذب الزوار وعشاق الفن من جميع أنحاء العالم.
ويضم متحف بيكاسو في المدينة مجموعة واسعة من أعماله، ويعتبر من أبرز المحطات الثقافية التي يقصدها الزوار داخل المدينة القديمة.
تحتضن مالقا عددًا من المعالم التاريخية التي تقف شاهدة على عمقها الحضاري، وعلى رأسها القصبة التي تعود إلى العصر الإسلامي، وهي قلعة حصينة ومركز إداري وعسكري كان يستخدمه الحكام المسلمون، وتتميز بجدرانها الدفاعية وموقعها المرتفع الذي يكشف المدينة بأكملها.
كما تبرز قلعة جبل فارو التي تقع فوق تلة تشرف على الميناء، وقد لعبت دورًا استراتيجيًا في الدفاع عن المدينة ضد الهجمات البحرية.
وفي قلب المدينة تنتصب كاثدرائية مالقا ذات الطراز المعماري الذي يجمع بين القوطية والباروك، والتي بُنيت على أنقاض مسجد سابق، وتعكس التحولات الدينية والثقافية التي عرفتها المدينة عبر القرون.
لعبت مالقا دورًا رئيسيًا في التاريخ الإسلامي للأندلس، خصوصًا في فترة عصر الطوائف عندما كانت إحدى الحواضر المهمة التي نافست بقوة في السياسة والتجارة.
واستمرت أهميتها في عصر المرابطين، ثم بلغت ذروة الازدهار الحضاري في عهد الموحدين الذين استثمروا في بناء المدينة وتحصينها وتطوير نظامها الاقتصادي.
وامتزج في تلك الفترة التأثير المعماري الأندلسي مع الثقافة الإسلامية والمسيحية، مما أضفى على المدينة طابعًا فريدًا لا يزال ملموسًا حتى اليوم.
تقدم مالقا اليوم مزيجًا غنيًا من التاريخ والثقافة والحياة الحضرية، وتُعد وجهة سياحية رئيسية في إسبانيا، حيث يقصدها الزوار للاستمتاع بشواطئها ومتاحفها وأسواقها التقليدية، إضافة إلى طابعها العمراني الذي يحفظ تفاصيل قرون من الحضارات المتعاقبة.