ملايين المسافرين يختارون السفن السياحية العملاقة

تشهد صناعة الرحلات البحرية تحولات سريعة يقودها إقبال متزايد على السفن السياحية العملاقة، إذ تتوقع الرابطة الدولية لخطوط الرحلات البحرية أن يتجاوز عدد المسافرين على متنها حاجز 37 مليون راكب في عام 2025، ما يعكس ارتفاعًا غير مسبوق في الطلب يدفع كبرى الشركات إلى تسريع إنتاج سفن جديدة بمواصفات ضخمة.
تواصل شركات مثل “رويال كاريبيان” و”إم إس سي كروزس” و”كارنفال” و”نرويجيان كروز لاين” استراتيجيتها المعتمدة على مبدأ أن الحجم الأكبر يعني تجربة سياحية أفضل، ويجري العمل حاليًا على تسليم 77 سفينة جديدة حتى عام 2036، ما يوضح الرؤية طويلة الأمد لهذه الشركات التي تسعى للاستحواذ على شرائح أوسع من المسافرين الباحثين عن تجارب متكاملة فوق البحر.
عادت حركة بناء السفن إلى زخمها الطبيعي بعد توقف شبه تام خلال جائحة كورونا، وتؤكد بيانات من مواقع متخصصة أن سفنًا تستوعب أكثر من ثلاثة آلاف راكب أصبحت تُصنّف ضمن فئة العملاقة، وهي التي تلقى أعلى نسب الحجوزات بفضل ما توفره من مرافق، مثل مناطق الترفيه الواسعة، والمطاعم المتنوعة، والمساحات المخصصة للعائلات.
يرى متخصصون أن نجاح هذه التجربة مرتبط بسلاسة إدارة حركة الركاب داخل السفينة، وعدم شعور المسافرين بالاكتظاظ رغم العدد الكبير للضيوف، وهو ما يتحقق عبر اعتماد أنظمة تنظيم داخلية متطورة، مثل نموذج “الأحياء” الذي تستخدمه “رويال كاريبيان”، أو نظام “المناطق” الذي تطبقه “إم إس سي”، حيث تُقسّم السفينة إلى أقسام يسهل التنقل بينها وتقديم الخدمات بكفاءة.
تستفيد هذه الشركات من شهادات المسافرين الذين جربوا الرحلات على متن سفن عملاقة، مثل جينيتا شيبارد، التي خاضت أكثر من 20 رحلة بحرية وتُفضل هذا النوع من السفن لما توفره من خيارات واسعة للأنشطة، حتى عندما تُلغى فعاليات معينة، ما يجعل من السفينة وجهة سياحية قائمة بذاتها.
تُدار عمليات بناء هذه السفن بتخطيط يمتد لخمس سنوات، ويستغرق تنفيذها أكثر من عامين، كما هو الحال مع سفينة “ستار أوف ذا سيز” المتوقع انطلاقها في أغسطس المقبل بعد خضوعها لاختبارات فنية في المحيط، وقد صرح رئيس “رويال كاريبيان” أن سفينة “آيكون أوف ذا سيز” التي أُطلقت العام الماضي تجاوزت توقعات الشركة من حيث الإقبال والإيرادات.
في المقابل، تثير هذه الطفرة مخاوف بيئية واسعة، إذ تشبه السفن العملاقة مدنًا عائمة تستهلك كميات هائلة من الوقود وتفرز انبعاثات عالية.
وعلى الرغم من أن بعضها بدأ الاعتماد على الغاز الطبيعي المسال لتقليل الأثر البيئي، يرى خبراء أن أنواعًا أخرى مثل الميثانول الحيوي توفر بدائل أنظف وأكثر استدامة على المدى الطويل، خاصة في ظل صعوبة تحقيق انبعاثات صفرية مع استمرار تسرب غاز الميثان من الخزانات.