إنجاز علمي سعودي يدعم استزراع شجرة السمر الجافة

حقق فريق علمي سعودي تقدمًا نوعيًا في مجال مكافحة التصحر ودعم استدامة الغطاء النباتي في البيئات الجافة وشبه الجافة، من خلال دراسة بحثية حديثة تناولت تعزيز مقاومة شتلات شجرة السمر للجفاف، وتحسين معدلات إنبات بذورها وجودة نموها، باستخدام تقنيات معالجة متقدمة لتحفيز البذور على النمو في ظروف مناخية قاسية.
ويأتي هذا الجهد ضمن المبادرات العلمية الداعمة لمستهدفات “السعودية الخضراء”، التي تهدف إلى استعادة التوازن البيئي وزيادة رقعة النباتات المحلية المقاومة للتغيرات المناخية.
أجرى الدراسة فريق علمي مشترك، بقيادة الدكتور علي الزبيدي، الباحث في فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بمنطقة مكة المكرمة وخبير منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، بالتعاون مع البروفيسور عبدالله الفيل والبروفيسور أحمد باخشوين من جامعة الملك عبدالعزيز، حيث ركز البحث على اختبار تأثير معالجات كيميائية وهرمونية باستخدام حمض الجبريليك GA3 ومركب “PEG-6000” لتحسين ظروف الإنبات والنمو.
وأظهرت النتائج ارتفاعًا لافتًا في نسبة وسرعة إنبات البذور، إلى جانب تحسينات ملموسة في قوة الشتلات ومقاومتها للظروف المناخية الصعبة، وذلك بفضل تنشيط الإنزيمات الحيوية المسؤولة عن النمو الخضري والجذري.
أبرزت الدراسة أن استخدام حمض الجبريليك بتركيز 300 جزء في المليون أدى إلى رفع نسبة الإنبات إلى 97.5%، وهو رقم يعكس كفاءة عالية مقارنة بالشتلات غير المعالجة، التي عانت من ضعف في النمو ومحدودية القدرة على التكيف.
كما زاد الوزن الجاف للشتلات المعالجة بنسبة بلغت 160%، ما يبرهن على نجاح التجربة في توفير قاعدة علمية قوية يمكن الاستناد إليها في عمليات التشجير ومكافحة التصحر بالمملكة.
ونُشرت هذه النتائج في المجلة العلمية المحكمة Journal of Applied and Natural Science، وهو ما يعزز من مصداقية البحث ويفتح المجال أمام تبني هذا الابتكار في مشاريع بيئية كبرى داخل المملكة وخارجها.
ويندرج هذا الإنجاز ضمن التوجهات الوطنية المتسارعة نحو تحقيق أهداف الاستدامة البيئية، من خلال الاستفادة من البحث العلمي في تطوير حلول عملية لمواجهة تحديات الجفاف والاحتباس الحراري.
كما يعكس الدور المتنامي للتعاون بين الجامعات والمؤسسات الحكومية في دعم الجهود البحثية التطبيقية ذات الأثر البيئي والاجتماعي المباشر، لا سيما في المناطق التي تواجه تهديدات بيئية متصاعدة.
وتُعد شجرة السمر واحدة من الأنواع النباتية المحلية الأكثر قدرة على التكيف مع المناخ الصحراوي، ويُسهم نجاح هذه المعالجات في توسيع نطاق زراعتها ضمن خطط التشجير الوطنية.
ومن المتوقع أن يُحدث هذا الابتكار تأثيرًا ملموسًا في جهود تقليل التصحر، عبر تمكين المؤسسات الزراعية والبيئية من استخدام تقنيات دقيقة وفعالة لتعزيز الإنبات والنمو في ظل نقص الموارد المائية وارتفاع درجات الحرارة.