شينغ ماي.. مزيج الطبيعة والثقافة يفتن السائح العربي

تتربّع مدينة شينغ ماي في الشمال التايلندي كواحدة من أبهى الوجهات السياحية الآسيوية التي بدأت تلفت أنظار السيّاح العرب بشكل متزايد، لما تتميز به من مناخ معتدل، وطبيعة جبلية خلابة، ومزيج فريد من التقاليد الثقافية والروحانية، في بيئة تحترم خصوصية الزائر وتمنحه تجربة متكاملة بين الراحة والمغامرة.
وفي ظل بحث المسافرين العرب، خاصة العائلات، عن أماكن جديدة تجمع الأمان بالخصوصية، برزت شينغ ماي كخيار مميز لصيف 2025، خاصة مع تطور البنية السياحية فيها وانتشار المطاعم الحلال والخدمات التي تلائم الزوار المسلمين.
بدأت الرحلة من البحرين باتجاه بانكوك، ومنها إلى شينغ ماي في رحلة جوية قصيرة، لم تتجاوز الساعة والنصف، لكن لحظة الوصول كانت كفيلة بإضفاء انطباع أوليّ إيجابي، حيث بدا واضحاً حرص موظفي المطار على تقديم أعلى درجات الحفاوة واللباقة، ما يعكس الثقافة التايلندية الأصيلة واحترامها للضيف، خاصة من العالم العربي، هذا الاستقبال، المصحوب بجو المدينة العليل وهدوئها المريح، منح الرحلة انطلاقة واعدة.
من أبرز معالم المدينة تقع حديقة دوي إنثانون الوطنية، التي تحتضن أعلى قمة جبلية في تايلند بارتفاع يفوق 2500 متر، وتوفر لزوارها تجربة بيئية استثنائية بين الغابات الكثيفة، والشلالات المنعشة، والهواء المعبّق بروائح الأزهار.
وتتيح الطبيعة المتنوعة في هذا المكان للزائر فرصة ممارسة رياضة المشي الطويل “الهايكنغ”، في تجربة آسرة يشعر فيها بأنه يعانق الغيوم بين الأشجار الضبابية.
ولا يمكن المرور بهذه الحديقة دون زيارة “المعابد التوأم”، التي تمثل رمزاً معمارياً بديعاً يخلد الملك والملكة، وتحيط بها حدائق مصممة بعناية تلفت الأنظار.
وفي المدينة أيضاً محميات مخصصة للفيلة، الحيوان الذي يُعد رمزاً ثقافياً في تايلند، ويمنح الزوار، خاصة الأطفال، تجربة تفاعلية لا تُنسى، حيث يمكنهم إطعام الفيلة، أو حتى السباحة معها في الأنهار، ما يضفي بعداً إنسانياً فريداً على الرحلة. كما تحتفظ المدينة بتنوع ثقافي آخر يتجلى في زيارة قرى مثل “كارين”، المعروفة بنسائها ذوات الأعناق الطويلة، حيث تتيح الزيارة التعرف على تقاليد نادرة وممارسات جمالية متوارثة.
ولا تغيب الأبعاد الدينية والغذائية عن الرحلة، فقد ساهم انتشار المطاعم الحلال في شينغ ماي، التي يدير عدد منها مستثمرون عرب، في منح السائح المسلم الطمأنينة اللازمة أثناء السفر، خصوصاً مع توفر أطباق مألوفة مثل الكبسة والمشاوي. وإلى جانب ذلك، يمكن تذوق الأطباق التايلندية الأصيلة التي تعتمد على الأعشاب الطازجة، كحساء “توم يام سوب” الذي يجمع بين الحرارة والحمضية في مزيج فريد.
أما البنية التحتية للمدينة، فقد شهدت تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، حيث عملت السلطات التايلندية على تحسين الطرق، وتوسيع شبكات الاتصال، وتعزيز السياحة المستدامة من خلال دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تدمج بين الحداثة والحفاظ على الطبيعة. ويسهل هذا التطوير من حركة السياح، ويوفر خيارات إقامة تناسب مختلف الميزانيات.
شينغ ماي ليست فقط محطة سياحية، بل هي لقاء بين الماضي والحاضر، بين العمارة التقليدية والأسواق النابضة بالحياة، وبين الفنون البوذية العتيقة والمهرجانات الشعبية. هي مدينة توثق في الذاكرة والعدسات، وتترك أثراً جميلاً لا يُمحى في وجدان كل من يزورها، حتى لتبدو وكأنها دعوة مفتوحة للعودة من جديد.