قطار سياحي فاخر يعبر القوقاز بين أرمينيا وجورجيا

انطلق في نهاية يونيو الماضي أول قطار سياحي فاخر يربط بين أرمينيا وجورجيا، في رحلة تمتد لتسعة أيام بين الجبال والسهول والمدن التاريخية، حاملاً على متنه نحو 300 سائح، معظمهم من القادمين من الدول الأوروبية، في تجربة تعد الأولى من نوعها في المنطقة.

وجاء هذا المشروع المشترك كثمرة تعاون بين شركة السكك الحديدية الأرمينية «جنوب القوقاز SCR» وشركة السفر التشيكية «Gepard Express»، في إطار تعزيز السياحة العابرة للحدود وتقديم نموذج سياحي جديد يعتمد على القطارات كمحور للرحلة.

بدأت الرحلة من العاصمة الأرمينية يريفان، وتستمر لثلاثة أيام عبر أبرز المناطق السياحية في أرمينيا، مثل بحيرة سيفان ومدينة غيومري، ثم يعبر القطار الحدود نحو جورجيا، حيث يقضي السياح ستة أيام بين مدنها الرئيسية، مثل تبليسي وكوتايسي وباتومي، في مزيج ساحر من المعالم الطبيعية والتاريخية والترفيهية.

ويتميّز هذا القطار بتصميمه الفاخر ومقصوراته المريحة التي توفر تجربة إقامة متنقلة متكاملة، إلى جانب تنظيم محطات توقف يتنقل خلالها الركاب بين الإقامة في القطار أو قضاء الليالي في فنادق مختارة ضمن المحطات.

وتُعد هذه الرحلة نقلة نوعية في مفهوم السياحة الإقليمية بين الدولتين، حيث يتم تقديم تجربة تجمع بين الراحة في التنقل، ومتعة الاستكشاف الميداني، والاقتراب من الثقافة المحلية لكل بلد.

وخلال النهار، يستمتع الزوار بجولات سياحية منظمة تستعرض معالم أثرية، وأسواقاً شعبية، ومواقع طبيعية خلابة، كما يتذوقون المأكولات التقليدية ويتعرفون على الحرف والفنون المحلية.

أما في المساء، فيعود الركاب إلى مقصوراتهم الفاخرة أو إلى أماكن إقامتهم الفندقية، في تنظيم دقيق يراعي خصوصية التجربة ونوعية الخدمات المقدّمة.

ويأتي إطلاق هذا القطار بعد سلسلة من المبادرات التي تبنّتها شركة SCR لتعزيز النقل السياحي عبر السكك الحديدية، إذ كانت قد أطلقت في وقت سابق من هذا الصيف قطارات منتظمة تربط بين يريفان وباتومي، مروراً بتبليسي، لكنها كانت مخصصة للمسافرين الدائمين دون تقديم برامج استكشافية أو خدمات سياحية متكاملة.

ومع إدخال هذا المسار الجديد، تستعيد خطوط السكك الحديدية في القوقاز بريقها، وتفتح الباب أمام مشاريع مماثلة تربط بين دول المنطقة، وتعيد تعريف تجربة السفر من خلال الجمع بين الراحة، والبطء المدروس، والتفاعل الثقافي.

وتشير التوقعات إلى أن هذا الخط السياحي الجديد سيعزز من موقع أرمينيا وجورجيا على خارطة السياحة العالمية، خاصة لدى السياح الأوروبيين الباحثين عن وجهات غير تقليدية تتمتع بجمال طبيعي فريد وإرث حضاري غني، وذلك في ظل استقرار سياسي نسبي وتحسّن في الخدمات اللوجستية والسياحية.

كما يُتوقع أن تُسهم هذه المبادرة في تنشيط الاقتصاد المحلي في المدن التي يمر بها القطار، من خلال دعم الفنادق، والمطاعم، والحرفيين، والمراكز الثقافية.

القطار الجديد ليس مجرد وسيلة نقل، بل تجربة سياحية متكاملة تتنقل عبر الزمن والجغرافيا، وتجمع بين حضارتين تتقاطعان في جبال القوقاز، وتقدمان للزائر حكاية لا تُنسى تُروى من نافذة قطار فاخر.