8 مدن سياحية عالمية تتخذ إجراءات لحماية هويتها من ازدحام الزوار

اتخذت عدة مدن سياحية عالمية قرارات صارمة للحد من الازدحام السياحي المتزايد، بعد أن أصبح الضغط على الموارد والبنية التحتية يهدد البيئة المحلية وجودة الحياة للسكان، في ظل تزايد الشكاوى من الارتفاع الكبير في أعداد الزوار، وارتفاع الأسعار، وفقدان الطابع الأصيل لتلك الوجهات.
وبدلاً من الترحيب غير المشروط بالسياح كما جرت العادة لعقود، بدأت هذه المدن في إغلاق أبوابها جزئياً، أو فرض قيود مالية وتنظيمية، ضمن توجه عالمي يهدف إلى تحقيق التوازن بين الاستفادة الاقتصادية من السياحة، والحفاظ على الاستدامة والخصوصية الثقافية والبيئية.
فرضت الحكومة الإيطالية، في خطوة غير مسبوقة، رسوم دخول على الزوار القادمين إلى مدينة البندقية، كما بدأت بتقييد عدد السياح المسموح لهم بالدخول يومياً، في محاولة لحماية المدينة من التدهور الناتج عن الكثافة السياحية، التي تهدد معالمها التاريخية وشبكة النقل المائي فيها، ويُنظر إلى هذه الإجراءات كحل ضروري، بعدما أصبحت المدينة تواجه موسماً سياحياً دائماً يفوق طاقتها الاستيعابية.
في الجهة المقابلة من العالم، اتخذت إندونيسيا سلسلة إجراءات مماثلة، من بينها تقليص إمكانية زيارة المواقع المقدسة في جزيرة بالي، والتخطيط لفرض “ضريبة بيئية” على السياح الدوليين، بهدف الحد من التأثير البيئي وتحسين الإدارة المحلية للموارد الطبيعية التي بدأت تعاني من التلوث والضغط الزائد على المناطق الساحلية.
أما في كرواتيا، فقد قررت مدينة دوبروفنيك تقليص عدد السفن السياحية التي ترسو على شواطئها، وفرضت ضريبة سياحية تهدف إلى دعم البنية التحتية التي باتت تحت ضغط متزايد، فيما أعلنت الحكومة الهولندية عن قرارات جريئة شملت حظر إنشاء فنادق جديدة في العاصمة أمستردام، وتقييد الإيجارات القصيرة المدى، فضلاً عن دراسة رفع الضرائب المفروضة على السياح، في مسعى للحد من التحول الذي تشهده المدينة إلى “مدينة للزوار فقط”.
وفي أيسلندا، قررت السلطات فرض قيود مشددة على دخول بعض المناطق البيئية الحساسة، مع التركيز على تنظيم تدفق الزوار لحماية الطبيعة الهشة، بينما أعلنت مدينة كيوتو اليابانية عن نيتها تحديد عدد الزوار يومياً في بعض المواقع، إلى جانب الترويج لأماكن بديلة أقل ازدحاماً، وطرح فكرة فرض ضريبة سياحية لتحسين الموارد المخصصة للخدمات العامة.
مدينة كان الفرنسية بدورها قررت منع السفن السياحية الضخمة من الاقتراب من سواحلها، وفرضت قيوداً على عدد الزوار المسموح به يومياً، في محاولة للحفاظ على البيئة البحرية وتفادي اكتظاظ المدينة الساحلية التي تعتمد على صورة هادئة وجذابة في عالم السياحة.
هذه القرارات الجماعية، رغم اختلاف السياقات والثقافات، تشير إلى تحوّل في الرؤية العالمية تجاه السياحة، من كونها محركاً اقتصادياً لا غنى عنه، إلى ضرورة إدارتها بحذر، حتى لا تتحوّل النعمة إلى عبء، ولا تفقد المدن المقصودة قيمتها الأصلية أمام الزحف غير المنظم للملايين.