بلجيكا تواصل ترسيخ حضورها الأوروبي رغم صغر مساحتها

تواصل بلجيكا تعزيز مكانتها السياسية والاقتصادية في القارة الأوروبية، رغم أنها تُعد من أصغر الدول من حيث المساحة، حيث تقع في قلب غرب أوروبا وتُعد نقطة التقاء محورية تربط بين فرنسا من الجنوب والجنوب الغربي، وألمانيا من الشرق، ولوكسمبورغ من الجنوب الشرقي، وهولندا من الشمال، بينما تطل من الجهة الشمالية الغربية على بحر الشمال، ما يمنحها موقعاً استراتيجياً ساعدها تاريخياً على لعب أدوار مهمة في ملفات إقليمية ودولية متعددة.
ويبلغ عدد سكان بلجيكا في عام 2024 نحو 11.8 مليون نسمة، وتصل مساحتها الإجمالية إلى 33,990 كيلومتراً مربعاً، منها 30,528 كيلومتراً مربعاً من اليابسة، وهو ما يجعلها من الدول ذات الكثافة السكانية المرتفعة في أوروبا، حيث تُسجل أكثر من 350 نسمة لكل كيلومتر مربع، وتتنوع تضاريسها بين السهول الساحلية في الشمال الغربي، والهضاب الوسطى، والمرتفعات الجبلية الوعرة في الجنوب الشرقي ضمن منطقة أردين، فيما تمتد أطراف حوض باريس إلى أقصى الجنوب من البلاد.
وتتمتع بلجيكا بمناخ معتدل شبيه بدول غرب أوروبا، يتميز بشتاء بارد ورطب وصيف معتدل، مع هطول أمطار منتظمة على مدار العام، وتُعد بلجيكا دولة متعددة اللغات الرسمية، حيث تُستخدم الهولندية في إقليم فلاندرز شمال البلاد بنسبة 59%، بينما تُستخدم الفرنسية في إقليم والونيا جنوباً بنسبة 40%، في حين تعتمد الألمانية كلغة رسمية بنسبة 1% في المناطق الشرقية، أما على مستوى الديانات، فتُعد الكاثوليكية الأكثر انتشاراً، مع وجود أقليات من المسلمين والبروتستانت واليهود والأرثوذكس.
وتضم بلجيكا عدة مدن رئيسية تلعب أدواراً اقتصادية وثقافية محورية، من أبرزها العاصمة بروكسل التي تُعد مقر الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، بالإضافة إلى مدينة أنتويرب التي تُعد من أكبر موانئ القارة ومركزاً عالمياً لصناعة الألماس، إلى جانب مدن جنت ولييج وشارلوروا التي تُعرف بكونها مراكز صناعية وثقافية مؤثرة.
وتأسست الدولة البلجيكية عام 1830 بعد استقلالها عن هولندا، وقد لعبت أدواراً مركزية في الحربين العالميتين، خاصة في الحرب العالمية الأولى، كما أنها كانت من أوائل الدول الاستعمارية في إفريقيا، حيث حكمت الكونغو البلجيكية لعدة عقود، واليوم تُعد من الأعضاء المؤسسين للاتحاد الأوروبي، ومن أبرز الدول التي تُسهم في رسم السياسات الأوروبية على مختلف الأصعدة.
ويعتمد الاقتصاد البلجيكي على مزيج من الخدمات والصناعات المتقدمة والتجارة الدولية، ويُعد من أكثر اقتصادات أوروبا تنوعاً، وتشتهر البلاد بإنتاج الشوكولاتة، الألماس، والآلات الدقيقة، بالإضافة إلى الصناعات الدوائية، كما يُعد ميناء أنتويرب من أكثر الموانئ نشاطاً على مستوى القارة، وتبلغ قيمة الناتج المحلي الإجمالي نحو 640 مليار دولار، وتُعتبر كل من ألمانيا وفرنسا وهولندا والولايات المتحدة والصين من أبرز الشركاء التجاريين للبلاد، التي تُصنّف من بين الدول الأعلى في مستوى المعيشة، وتحتل مراكز متقدمة في التعليم والرعاية الصحية، وتُعرف عالمياً بمنتجاتها المميزة مثل الوافل، الشوكولاتة، والبيرة.