نينه بينه.. جنة طبيعية وتاريخية في قلب فيتنام
تزخر مدينة نينه بينه الواقعة في شمال فيتنام بسحر طبيعي فريد، إذ تجمع بين التكوينات الجيرية المهيبة والأنهار الهادئة وحقول الأرز المترامية، ما جعلها تُعرف بلقب “خليج هالونغ على اليابسة”.
تتميز هذه الوجهة بسهولة الوصول إليها من العاصمة هانوي التي تبعد نحو 90 كيلومتراً، كما تُعد بوابة لمواقع سياحية بكر مثل تام كوك ومحمية فان لونغ وكهوف ترانج آن، ما يجعلها نقطة انطلاق مثالية لعشاق الطبيعة والثقافة.
تأسر الرحلات النهرية في تام كوك وترانج آن قلوب الزوار، إذ تنساب القوارب بين المنحدرات الشاهقة والنباتات الكثيفة في أجواء من السكون والجمال.
لا تقتصر جاذبية نينه بينه على طبيعتها، بل تضم مواقع تاريخية بارزة مثل العاصمة القديمة هوا لو، التي كانت مركز الحكم في القرنين العاشر والحادي عشر، ما يمنح الزائر فرصة للغوص في عمق التاريخ الفيتنامي.
تحتضن المدينة حديقة كوك فونغ الوطنية، أقدم وأكبر المحميات الطبيعية في البلاد، والتي تُعد موطناً لتنوع بيولوجي غني يشمل مئات الأنواع من الطيور والحيوانات والنباتات، وبعضها مهدد بالانقراض.
التجول في هذه الحديقة يمنح فرصة لاكتشاف كهوف الحجر الجيري، ومشاهدة الفراشات في أشهر الصيف، فضلاً عن التعرف على حياة سكان القرى التقليدية مثل شعب موونغ.
تحمل نينه بينه أيضاً إرثاً استراتيجياً، فقد لعبت دوراً محورياً خلال الأحداث التي سبقت الحرب الصينية الفرنسية عام 1884، وكانت محل اهتمام للقوات الفرنسية التي سيطرت على قلعتها في عام 1883، مما جعلها جزءاً من مسار الصراعات التي شكلت تاريخ المنطقة.
تتنوع مواسم الزيارة المفضلة لهذه الوجهة بين أواخر مايو وأوائل يوليو، حيث تتزين الحقول بسنابل الأرز الذهبية، وفترة سبتمبر إلى أكتوبر التي تتميز بأجواء أكثر اعتدالاً وأمطار منعشة تُعيد الحياة للطبيعة، في كلتا الفترتين، تتراوح درجات الحرارة بين 23 و34 درجة مئوية، ما يجعلها مثالية للاستكشاف.
تقدم نينه بينه للزائرين تجارب متنوعة، من جولات القوارب في تام كوك التي تمر عبر ثلاثة كهوف طبيعية، إلى زيارة قرية كينه غا العائمة التي تكشف عن أسلوب حياة فريد قائم على المياه، حيث يتبادل السكان بضائعهم من قارب لآخر.
أما كهوف ترانج آن المدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو، فهي تقدم مشهداً بديعاً من الصخور الكلسية المغطاة بالخضرة والمياه المتلألئة، وتتيح رحلات التجديف استكشاف مسارات متنوعة عبر الكهوف والقرى.
لا تكتمل الزيارة من دون الصعود إلى نقطة مراقبة هانغ موا، التي تكافئ المتسلقين بإطلالة بانورامية على الأنهار وحقول الأرز وجسور الخيزران، إضافة إلى لحظات هدوء على مقاهيها الصغيرة.
أما المطبخ المحلي، فيغري الزوار بأطباق مثل لحم الماعز “دي نوي” والأرز المحروق “كوم تشاي”، التي يمكن تذوقها في الأسواق النابضة أو خلال دروس الطهي التقليدية، ليختتم المسافر رحلته بمزيج من النكهات والذكريات التي لا تُنسى.





