خان الخليلي.. سوق لا ينام في قلب القاهرة التاريخية

شهد سوق خان الخليلي في قلب القاهرة القديمة إقبالًا متزايدًا من الزوار والسائحين خلال الفترة الأخيرة، إذ يعد واحدًا من أبرز المعالم التراثية في مصر، ومقصدًا رئيسيًا لعشاق التسوق والمهتمين بالثقافة الشعبية.

يمتد تاريخ هذا السوق إلى القرن الرابع عشر، حين أسسه الأمير جهاركس الخليلي في عهد السلطان برقوق، ليكون مركزًا لتجارة البضائع وإيواء التجار.

على مدار القرون، تحولت المنطقة إلى مركز تجاري ضخم، حيث أضاف الحكام المتعاقبون خانات جديدة، ما جعلها ملتقى للتجار من مختلف الدول.

ومع مرور الوقت، أصبح خان الخليلي ليس فقط مكانًا للبيع والشراء، بل مزارًا سياحيًا عالميًا يضم بين أركانه روائع العمارة الإسلامية، خاصة في شارع المعز، الذي تصفه تقارير الأمم المتحدة بأنه يضم أعلى كثافة للآثار الإسلامية في العالم.

تجربة زيارة خان الخليلي تبدأ من أزقته الضيقة التي تمتلئ بالمحلات والبائعين، حيث تتنوع المعروضات بين الذهب والفضة والمشغولات اليدوية، إضافة إلى التوابل والعطور والأقمشة، الزائر يجد نفسه وسط أجواء نابضة بالحياة، تجمع بين التاريخ العريق وحيوية الباعة المعاصرين.

الوصول إلى السوق متاح بعدة طرق، من بينها التاكسي أو خدمات النقل عبر التطبيقات، إضافة إلى المترو حتى محطة العتبة، مع المشي لمسافة تصل إلى 20 دقيقة.

أكثر المداخل شهرة هو ميدان الحسين، حيث يقع المسجد الذي يحمل الاسم نفسه، ويعتبر نقطة الانطلاق المثالية لاستكشاف المنطقة.

داخل السوق، يمكن للزوار الاستمتاع بالمساومة على الأسعار، وهي عادة متجذرة في الثقافة التجارية هناك، ينصح المتسوقون بتحديد ميزانية قبل الشراء والتمسك بها، وعدم التردد في الانسحاب إذا لم تكن الصفقة مناسبة.

التجربة لا تقتصر على التسوق فقط، إذ تنتشر في أرجاء السوق العروض الفنية الشعبية، من عازفي الطبول إلى مؤدي الرقصات التقليدية، إضافة إلى باعة الأطعمة الشعبية مثل البطاطا المشوية والترمس، هذه المشاهد تخلق أجواءً فريدة تجعل الزيارة ممتعة وغنية بالتفاصيل.

المقاهي والمطاعم جزء لا يتجزأ من تجربة خان الخليلي، ويبرز منها مقهى الفيشاوي الذي يمتد تاريخه لأكثر من قرنين، ومطعم نجيب محفوظ الذي يتميز بأجواء أكثر هدوءًا، كما تتوفر خيارات لتناول الكباب والكفتة والحلويات التقليدية، رغم أن بعض الزوار يفضلون الأماكن الأكثر التزامًا بالمعايير الصحية.

مغادرة السوق سهلة عبر الساحة الرئيسية بجوار مسجد الحسين، حيث تتوفر سيارات الأجرة وخدمات النقل، ويبقى خان الخليلي مقصدًا لا يكتمل استكشاف القاهرة بدونه، إذ يجمع بين الأصالة والحياة اليومية للمصريين، ويقدم للزائر تجربة لا تُنسى.