“ترحال” يعيد رسم التراث السعودي بتقنيات مسرحية حديثة
قدّم عرض “ترحال” تجربة مسرحية فريدة تمزج بين التراث السعودي والتقنيات المسرحية الحديثة، حيث استخدمت أدوات متقدمة لتشكيل مشاهد بصرية وصوتية تجاوزت حدود الخشبة التقليدية، وأتاحت للجمهور التفاعل مع كل تفاصيل العرض، بما يعكس روحًا معاصرة للهوية الثقافية السعودية ويضعها في منافسة عالمية، بينما تواصل القصة مع الحضور عبر رحلة رمزية مليئة بالعناصر التراثية.
انطلقت العروض في قاعة ميادين الدرعية وسط فضاء بصري غامر، حيث امتزجت أصوات الماضي كصهيل الخيل والأهازيج الشعبية مع الإيقاعات الرقمية والمؤثرات الصوتية الحديثة، لتنشأ تجربة متعددة الحواس، تتيح للحضور الانغماس الكامل في الأحداث، ومتابعة الشخصيات واللوحات المسرحية، كما أضفت المعالجات البصرية والصوتية أبعادًا جديدة على كل مشهد، مما خلق إحساسًا بأن الجمهور جزء من القصة وليس متفرجًا فقط.
يرتكز العرض على شخصية “سعد” التي تقود الجمهور في رحلة ممتدة حتى 25 أغسطس، وتضم 17 لوحة ثلاثية الأبعاد تعكس تفاصيل التراث السعودي، وتتنوع بين مشاهد الصحراء والبحر، كما تستخدم الإضاءة المتزامنة لتعزيز أداء الفرق الاستعراضية والبهلوانية، فيما تجمع المؤثرات البصرية والصوتية بين الواقعية والخيال، لتبرز الجوانب التراثية بأسلوب عصري يتماشى مع التقنيات الحديثة، ويتيح تجربة متكاملة لكل الفئات العمرية والثقافات المختلفة.
من أبرز المشاهد التي لفتت الانتباه مشهد الطهي الشعبي الذي قدم الطعام كأداء حي، حيث مزجت فنيات الطهي مع الأداء المسرحي في تجربة حسية مميزة، كما أبرزت مشاهد الحرف اليدوية تحويل خامات بسيطة كالخشب والنحاس والنخيل إلى منتجات تقليدية، مع معالجة بصرية وصوتية متقنة، لتؤكد قدرة العرض على إعادة تقديم التراث بطريقة تفاعلية وجاذبة، تحافظ على أصالته وتقدمه للمتلقي بشكل جديد.
يعكس “ترحال” رؤية وزارة الثقافة السعودية في إبراز التراث الوطني بروح معاصرة، إذ يركز على بناء ملامح الحاضر والمستقبل انطلاقًا من الإرث التاريخي، كما يدعم الإنتاج الفني المحلي الذي يوظف التكنولوجيا في خدمة الهوية الثقافية، ويضع المملكة على خارطة العروض المسرحية العالمية، حيث تمكنت التجربة من جمع الجمهور المحلي والدولي على حد سواء، وتأكيد أهمية دمج التراث مع الابتكار في تقديم الثقافة.





