بلغاريا أقدم دولة أوروبية ما زالت تحتفظ باسمها
تقع بلغاريا في جنوب شرق أوروبا عند شبه جزيرة البلقان، وهي واحدة من أقدم دول القارة التي ما زالت تحتفظ باسمها منذ أكثر من 1300 عام، ما يجعلها نقطة جذب للباحثين عن التاريخ والجغرافيا معًا، فقد جمعت عبر القرون بين موقعها الاستراتيجي وتنوعها الطبيعي والثقافي، وظلت تلعب دورًا بارزًا في ربط الشرق بالغرب.
تتميز بلغاريا بموقعها الحيوي الذي منحها أهمية سياسية وتجارية، إذ يحدها شمالًا رومانيا عبر نهر الدانوب، وغربًا كل من صربيا وشمال مقدونيا، وجنوبًا اليونان وتركيا، أما من الشرق فيفتح ساحلها الممتد بطول 354 كيلومترًا على البحر الأسود، ويضم موانئ مهمة مثل فارنا وبورغاس، وهو ما جعلها بوابة طبيعية للتجارة البحرية بين أوروبا الشرقية وروسيا وأوكرانيا.
رغم أن بلغاريا ليست من أكبر دول أوروبا من حيث المساحة، إذ تبلغ نحو 111 ألف كيلومتر مربع، فإنها تجمع بين تضاريس متنوعة تشمل الجبال المكسوة بالثلوج في سلسلة البلقان، والسهول الخصبة الممتدة على ضفاف نهر الدانوب، إضافة إلى شواطئها المطلة على البحر الأسود، وقد ساعد هذا التنوع البيئي على تشكيل لوحة متكاملة جمعت بين الزراعة والسياحة والأنشطة البحرية.
يبلغ عدد سكان بلغاريا اليوم حوالي 6.7 مليون نسمة، ورغم أن هذا العدد شهد انخفاضًا خلال العقود الأخيرة بسبب الهجرة وتراجع معدلات المواليد، فإن الدولة ما زالت تحافظ على وجودها ككيان سياسي وثقافي مؤثر في منطقة البلقان، وقد انعكس ذلك على هويتها الوطنية التي بقيت راسخة رغم التحولات التي شهدتها المنطقة عبر الحروب والتغيرات السياسية.
كان لموقع بلغاريا أثر مباشر في صياغة دورها التاريخي، فقد شكلت عبر العصور ممرًا رئيسيًا للقوافل والجيوش، واحتضنت تفاعلات ثقافية متعددة بين أوروبا وآسيا، ما جعلها ساحة اندماج حضاري بين حضارات البحر الأسود والبلقان والأناضول، كما ساهم هذا الموقع في جعلها دولة جاذبة للمؤثرات الدينية والفكرية التي طبعت هويتها المتنوعة.
ورغم التحديات التي واجهتها بلغاريا في السنوات الأخيرة من حيث التراجع السكاني والأزمات الاقتصادية، فإنها ما زالت تحافظ على مكانتها كإحدى الدول التي تجمع بين الأصالة والتنوع، حيث تمثل رمزًا للتاريخ الممتد عبر قرون طويلة، وبوابة للتواصل بين شعوب أوروبا الشرقية والبحر الأسود.
بهذا المعنى، تبقى بلغاريا أكثر من مجرد دولة صغيرة على الخريطة، فهي عنصر محوري في ماضي البلقان وحاضره، وبلد يجمع بين العمق التاريخي والتفرد الجغرافي، ويواصل لعب دوره في ربط الشرق بالغرب عبر موقعه الاستراتيجي وتنوعه الثقافي.





