سبليت الكرواتية.. مدينة التاريخ والسواحل الخلابة
تتحول مدينة سبليت، ثاني أكبر المدن الكرواتية، إلى وجهة سياحية بارزة تجمع بين سحر التاريخ وروح الحداثة، حيث باتت خلال السنوات الأخيرة محطة أساسية لعشاق السفر الراغبين في اكتشاف مزيج فريد من التراث الروماني والطبيعة الأدرياتيكية، إضافة إلى الأجواء المتوسطية المميزة التي تمنح الزوار تجربة لا تُنسى.
وتتميز سبليت بكونها عاصمة إقليم دالماتيا، حيث تمتد بين البحر والجبال، ما يضفي عليها خصوصية تجعلها مختلفة عن غيرها من مدن الساحل الأدرياتيكي.
وعلى الرغم من أن سبليت تستقبل زوارها على مدار العام بفضل مناخها المعتدل، إلا أن الفترة المثالية لزيارتها تمتد من مايو حتى يونيو، ومن سبتمبر حتى أكتوبر، حين تكون الأجواء مشمسة ولطيفة، والأسعار أقل من ذروة الموسم، يتيح هذا التوقيت للزوار الاستمتاع بالأنشطة الخارجية مثل ركوب الدراجات الجبلية أو التجديف بالكاياك أو التنزه لمسافات طويلة بين المناظر الطبيعية، بعيدًا عن ازدحام العطلات الصيفية.
في قلب المدينة، يقف قصر دقلديانوس شامخًا كأبرز معلم تاريخي وأحد مواقع التراث العالمي لليونسكو، بُني القصر في القرن الرابع الميلادي كمنتجع للإمبراطور دقلديانوس، وهو اليوم مقصد سياحي رئيسي يضم متاحف وكنائس ومقاهي وأسواقًا تقليدية، حيث يمكن للزوار التنقل بحرية بين أروقته وأزقته المرصوفة بالحصى، ويُعد التجول في القصر تجربة تنقل الزائر إلى عمق التاريخ الروماني، مع لمسة عصرية تمنح المكان حيوية خاصة.
ولمحبي الفنون، يشكل معرض إيفان ميستروفيتش محطة بارزة تعرض أعمال النحات الكرواتي الأشهر، بما في ذلك المنحوتات البرونزية والرخامية والخشبية، إلى جانب رسوماته ونماذج الجص الأصلية، تأسس المتحف في خمسينيات القرن الماضي، ويُعتبر أحد المراكز الثقافية التي تسلط الضوء على الهوية الفنية للمدينة.
أما محبو البحر، فيجدون في شاطئ باكفيس وجهة مثالية للاسترخاء، ويتميز هذا الشاطئ الرملي الواسع بندرته على الساحل الدلماسي، ما يجعله من أكثر المواقع جذبًا للسكان المحليين والسياح على حد سواء، حيث يمكن الاستمتاع بالسباحة أو ممارسة الرياضات الشاطئية في أجواء ممتعة.
وتقدم المدينة أيضًا تجربة ترفيهية فريدة من خلال متحف الأوهام، الذي يجمع بين المعارض التفاعلية والألعاب البصرية المصممة لإبهار الزوار، خاصة العائلات والأطفال، ويضم المتحف متجرًا للهدايا ومقهى، ما يجعل الزيارة إليه مزيجًا من الترفيه والمعرفة.
ولا تكتمل زيارة سبليت دون جولة في ممشى ريفا المطل على البحر الأدرياتيكي، حيث تصطف أشجار النخيل والمقاهي والمطاعم، مانحة المكان طابعًا اجتماعيًا نابضًا بالحياة، يمتد الممشى بطول 1.7 كيلومتر أمام القصر مباشرة، ويُعد مركزًا للفعاليات العامة والنزهات اليومية، كما يوفر إطلالات ساحرة على الميناء والجزر القريبة.
تجمع سبليت إذن بين عبق الماضي العريق وإطلالة الحاضر النابضة بالحيوية، ما يجعلها وجهة مثالية لكل من يبحث عن السياحة الثقافية والطبيعية في آن واحد، إنها مدينة تُشعرك أنك تعيش التاريخ، بينما تستمتع في الوقت نفسه بروح الحياة العصرية.





