الأخبار

التنوع العرقي والديني في جيبوتي يحدد هوية المجتمع وثقافته

تعد جمهورية جيبوتي من الدول الصغيرة في القرن الأفريقي، غير أن تركيبتها السكانية المتنوعة تمنحها طابعاً مميزاً، إذ يقدر عدد سكانها عام 2025 بنحو 1.2 مليون نسمة، وتتميز بغلبة الفئة الشابة حيث يشكل من هم دون الخامسة والعشرين قرابة 60% من السكان، وهو ما يعكس طابعاً ديموغرافياً قائماً على الحيوية والتجدد، فيما تستقر الغالبية في العاصمة جيبوتي التي تحتضن مزيجاً من القوميات والجاليات الأجنبية.

يشكل الصوماليون، وبخاصة قبيلة العيسى، نحو 55 إلى 60% من السكان، ويتمركزون في العاصمة والمناطق الساحلية والشمال الشرقي، ويعرفون بنشاطهم التجاري والبحري، بينما يشكل العفر نحو 35 إلى 40% من السكان ويتركزون في الجنوب والغرب قرب الحدود مع إثيوبيا وإريتريا، حيث يرتبطون تقليدياً بالرعي والتجارة، أما الأقليات فتضم العرب خصوصاً من أصول يمنية، إضافة إلى الإثيوبيين، وبعض الأوروبيين ولا سيما الفرنسيين، إلى جانب جماعات آسيوية صغيرة.

وتنعكس هذه التعددية العرقية في المشهد اللغوي، حيث تعتمد الدولة العربية والفرنسية كلغتين رسميتين، بينما تنتشر العفرية والصومالية كلغات محلية أساسية، كما تبرز الإنجليزية بشكل متزايد في مجالات التجارة والتعليم، ما يجعل المجتمع الجيبوتي متعدد اللغات بشكل واضح، ويعزز قدرته على التواصل مع بيئات مختلفة.

على الصعيد الديني، يشكل الإسلام الدين الرسمي ويتبعه حوالي 94% من السكان، ومعظمهم من أتباع المذهب السني الشافعي، فيما يشكل المسيحيون نحو 6% غالبيتهم من الجاليات الأجنبية كالفرنسيين والإثيوبيين والإريتريين، وهو ما يعكس طبيعة البلاد كدولة إسلامية منفتحة تستضيف جماعات دينية مختلفة دون صراعات تذكر.

ويتوزع السكان جغرافياً بين العاصمة التي تضم أكبر كثافة بشرية ومزيجاً واسعاً من الأعراق، والمناطق الشمالية مثل تاجورة وأوبوك ذات الغالبية الصومالية، بينما يغلب العفر على مناطق الجنوب والغرب مثل دخيل وعلي صبيح، أما السواحل فهي منطقة تداخل بين التجار العرب والصوماليين، ما يجعلها نقطة تجارية نشطة عبر البحر الأحمر وخليج عدن.

وتتميز الثقافة الجيبوتية بتأثرها بالبيئات العربية والأفريقية، حيث يجمع المطبخ بين الأطباق التقليدية مثل العنجيرو الشبيه بالخبز الإسفنجي، وأطباق الأرز الممزوجة بالبهارات، والحلويات الشعبية مثل الهيلو، أما في اللباس التقليدي فتشتهر النساء بارتداء “المكاوي” بينما يرتدي الرجال الجلابية أو المكاوي الأبيض، وهو مظهر يعكس امتداد الروابط الثقافية مع الجزيرة العربية.

كما تحظى المناسبات الدينية والوطنية بمكانة كبيرة في المجتمع، حيث يحتفل السكان بعيد الفطر وعيد الأضحى ورأس السنة الهجرية إلى جانب عيد الاستقلال في 27 يونيو، فيما تظل الفنون الشعبية مثل رقصة دانا والأغاني ذات الإيقاعات الممزوجة بين العربية والأفريقية من أبرز سمات الهوية الثقافية، وتكتمل ملامحها بالأسواق التقليدية كسوق ريياد في العاصمة وسوق تاجورة التاريخي الذي يعكس إرثاً تجارياً عريقاً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى