الأخبار

بيت الشعر في الجوف يحافظ على التراث البدوي الأصيل

يشكل بيت الشعر أحد أبرز الرموز التراثية في الجوف، حيث ارتبط بحياة أهل البادية منذ قرون، وكان بمثابة مأوى متنقل ومركز اجتماعي وثقافي يعكس نمط حياتهم وتقاليدهم، ويعطي صورة حية عن ارتباط الإنسان بالبيئة الصحراوية المحيطة به، ويجسد قيم الكرم والشعر والسمر، ما جعل من البيت رمزًا حيًا لعراقة البدو وارتباطهم العميق بالصحراء.

تستمر الحرفية لفوة الفهيقي في ممارسة صناعة بيت الشعر التي ورثتها عن والدتها وجدتها، وهي تحافظ على الأسلوب التقليدي في الإنتاج، بدءًا من جز صوف الأغنام “النجدي” وغسله ونشره ونفشه للتجفيف، ثم الغزل لتكوين خيوط الشعر، وصولًا إلى التسدية لتشكيل قطع “الشقاق” التي تُخاط يدويًا، كما تُقسم عملية الإنتاج حسب المواسم، حيث يُصنع البيت الشتوي من الشعر الأسود للدفء، بينما يُصنع الصيفي من الشعر الأبيض للبرودة.

تستخدم لفوة أدوات تقليدية تشمل المنفاش، والمغزل، والمنشاز، والمسامير، والمخيط، وتوضح أن العمل يعتمد على التعاون بين أفراد العائلة والمجتمع المحلي، ويختلف حسب طلب المستفيد، كما تختلف مسميات البيوت باختلاف عدد الأعمدة، مثل “القطبة” ذات العمود الواحد، و”المقورن” ذو العمودين، و”المثولث” بثلاثة أعمدة، ما يعكس غنى التراث البدوي وتنوعه بحسب الاحتياجات العملية والجمالية للساكنين.

يُعد بيت الشعر شاهدًا على أسلوب حياة البدو، حيث جمع بين الجانب العملي والجمالي، وأتاح لهم التكيف مع ظروف الصحراء القاسية، كما استمر في الحفاظ على دوره الاجتماعي من خلال مجالس الكرم والسمر والشعر، ما يجعله رمزًا مستمرًا للهوية الثقافية للمنطقة، ويبرز أهمية الحفاظ على هذا التراث ونقله للأجيال القادمة.

يشكل استمرار صناعة بيت الشعر في الجوف مثالًا حيًا على المحافظة على التراث البدوي، ويعكس جهود الحرفيين مثل لفوة الفهيقي في نقل الخبرة التقليدية، مع تعزيز الوعي الثقافي لدى المجتمع، ما يتيح للزوار والمهتمين الاطلاع على جوانب من الثقافة البدوية، ويحفز على تطوير برامج تعليمية وسياحية تهدف إلى إبراز هذا التراث الفريد وربطه بالحياة المعاصرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى