الأخبار

هل حلّ العلماء لغز المادة والمادة المضادة؟ الأجوبة قد تغير فهمنا للكون

عند نشأة الكون في الانفجار العظيم، كان من المفترض أن تتكوّن المادة والمادة المضادة بكميات متساوية، وإذا حدث ذلك تمامًا، لالتقتا وفنيتا معًا تاركتين خلفهما فوتونات فقط، أي كونًا بلا مادة، لكن الواقع يخالف ذلك، فنحن نعيش في كون غني بالمادة، والنجوم والمجرات موجودة، مما يطرح أحد أعمق ألغاز الفيزياء الحديثة، المعروف باسم مشكلة اختلال الباريونات.

العلماء أطلقوا على هذا اللغز اسم “انتهاك التناظر بين المادة والمادة المضادة”، ويعتبر السبب المحتمل لوجود الكون المادي كما نعرفه، وقد أظهرت التجارب في ميكانيكا الكم أن القوانين لا تتساوى تمامًا بين المادة والمادة المضادة، حيث يحدث كسر ضئيل في التناظر، خصوصًا في جسيمات مثل الكاونات والميزونات B، وقد يكون هذا الانحياز الصغير السبب في بقاء المزيد من المادة على حساب المادة المضادة.

اقترح الفيزيائي الروسي أندريه سخالوف ثلاث شروط لشرح اختلال التوازن بين المادة والمادة المضادة، تشمل كسر حفظ عدد الباريونات بحيث تتحول الطاقة إلى مادة أكثر من مضادها، وكسر التناظر بين المادة والمادة المضادة، وأن يكون الكون في لحظاته المبكرة بعيدًا عن التوازن الحراري، وهذه الشروط المعروفة باسم “عمليات سخالوف” تشكل إطارًا لفهم الانحياز الذي أتاح للمادة البقاء.

تشير بعض النظريات الحديثة إلى احتمال وجود جسيمات أو تفاعلات لم تُكتشف بعد، كما هو الحال في النموذج الموحّد الكبير أو فيزياء ما بعد النموذج القياسي، وقد تكون هذه الجسيمات مسؤولة عن اختلال التوازن، كما تربط بعض الفرضيات بين هذه الظاهرة والمادة المظلمة، ما يعكس أن الكون قد يحتوي على أسرار فيزيائية عميقة لم تُكشف بعد.

بعض النماذج الكونية تقترح وجود فقاعات في الكون المبكر تحتوي على نسب مختلفة من المادة والمادة المضادة، وأن الفقاعات الغنية بالمادة هي التي نجت، مكونة الكون الذي نعرفه اليوم، بينما تلاشت الفقاعات الأخرى، وهذا السيناريو يفسر جزئيًا كيف تمكنت المادة من الهيمنة، لكن الأبحاث العلمية مستمرة لرصد هذه الظواهر بدقة أكبر باستخدام تجارب مثل CERN و Belle II، سعياً لإيجاد إجابة نهائية لهذا اللغز الكوني.

حتى الآن، لا يوجد جواب حاسم، لكن العلماء مستمرون في دراسة انتهاكات CP وغيرها من الظواهر الدقيقة، على أمل فهم سبب تفوق المادة على المادة المضادة بفارق ضئيل، وإتاحة فهم أعمق لكوننا المادي، وما زالت الأبحاث الجارية تفتح أبوابًا جديدة لفهم أصل الكون وأسباب وجوده كما نعرفه اليوم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى