هل يمكن لجزيرة تولد من ذوبان نهر جليدي أن تعيد رسم ملامح الأرض؟
كشفت صور فضائية التقطها قمر “لاندسات” التابع لوكالة الفضاء الأمريكية “ناسا”، عن حدث جيولوجي لافت يتمثل في ولادة جزيرة جديدة قرب سواحل شبه جزيرة ألاسكا، بعد أن تراجع نهر إلسيك الجليدي لمسافة كبيرة خلال العقود الماضية، مما أتاح انفصال جبل صخري وتحوله إلى كتلة مستقلة تحيط بها المياه.
وأظهرت المقارنات بين صور التقطت في الخامس من يوليو عام 1984 وصور أخرى حديثة أن الجبل المعروف باسم “برو نوب” لم يعد متصلاً باليابسة، حيث أدى انحسار الجليد لمسافة تجاوزت خمسة كيلومترات إلى تكوين بحيرة واسعة، ومن ثم انفصال الجزيرة الناشئة التي تقدر مساحتها بنحو خمسة كيلومترات مربعة، لتصبح معلماً طبيعياً جديداً على خريطة المنطقة.
ويُرجّح الباحثون أن ولادة الجزيرة تمت خلال فترة قصيرة بين الثالث عشر من يوليو والسادس من أغسطس 2025، في مشهد يعكس سرعة التغيرات المناخية التي يشهدها جنوب شرق ألاسكا، ويؤكد أن ذوبان الأنهار الجليدية لم يعد مجرد عملية بطيئة، بل تحوّل إلى ظاهرة متسارعة تترك آثاراً واضحة على الجغرافيا والنظم البيئية.
وأثار هذا الاكتشاف قلق العلماء الذين حذروا من أن استمرار فقدان الجليد سيقود إلى تحولات أعمق في الهيدرولوجيا المحلية، مع ما يحمله ذلك من انعكاسات على تدفق الأنهار وتوازن البحيرات، فضلاً عن المخاطر المترتبة على استقرار الكتل الجليدية الكبيرة التي قد تنهار فجأة نحو المسطحات المائية المحيطة، مسببة تغيرات حادة في المشهد الطبيعي.
ويؤكد الخبراء أن ظهور جزيرة جديدة لا يمثل مجرد حدث طبيعي نادر، بل هو مؤشر على تسارع الاحتباس الحراري وتداعياته المباشرة على الكوكب، إذ تتكاثر المشاهد المماثلة في مناطق أخرى من العالم، وتتحول الجبال والأنهار الجليدية إلى بؤر هشة أمام ارتفاع درجات الحرارة العالمية، مما يعزز المخاوف من ذوبان أوسع نطاقاً في المستقبل القريب.
ويستند الاهتمام العلمي بهذه الظاهرة إلى أنها تمنح فرصة لمراقبة التحولات الجيولوجية في الزمن الحاضر، إذ كان تشكل الجزر في الماضي يستغرق آلاف السنين، بينما نشهد اليوم بزوغ تضاريس جديدة خلال أسابيع أو أشهر قليلة، وهو ما يجعلها مادة غنية للبحث والتوثيق، ويضع في الوقت نفسه علامات استفهام حول مستقبل المناطق الجليدية وما سيترتب على ذوبانها من آثار بيئية ومناخية واسعة.





