جسر هواجيانغ.. حين يعانق الحديد السماء ويكسر حدود الوادي في إنجاز هندسي عابر للزمن
تكشف الصين عن إنجاز هندسي جديد مع افتتاح أطول جسر معلق في العالم بارتفاع 625 متراً فوق نهر بيبان، حيث شُيّد وسط تضاريس جبلية صعبة في مقاطعة قويتشو، وجاء المشروع ليعكس تسارع خطط البنية التحتية التي تنفذها البلاد في السنوات الأخيرة، إذ يمتد الجسر المعروف باسم “هواجيانغ” لمسافة 1420 متراً، ويعد الأطول من نوعه في منطقة جبلية يعتمد تصميمه على عارضة جمالون فولاذية رئيسية.
يظهر الإنجاز حجمه الفريد عند مقارنته بجسر البوابة الذهبية في سان فرانسيسكو، فارتفاعه يعادل نحو تسعة أضعافه، وهو ما يجعل المشروع واحداً من أكثر المنشآت الهندسية جرأة على مستوى العالم، كما أن افتتاحه لم يكن مجرد توسعة لشبكة الطرق بل تحوّل فعلي في طرق التنقل بعد أن قلّص مسافة تستغرق ساعتين إلى دقيقتين فقط، وهو ما جعل السكان المحليين يطلقون عليه اسم “شق الأرض”.
يبرز المشروع نجاح فرق البناء في تجاوز تحديات بيئية وتقنية معقدة، فقد استخدم المهندسون أنظمة ملاحة تعتمد على الأقمار الصناعية وطائرات دون طيار وتقنيات مراقبة ذكية لضمان دقة متناهية في تشييد أجزاء الجسر على ارتفاع شاهق، كما جرى استخدام مواد شديدة القوة أثبتت فعاليتها في تحمل الضغوط الطبيعية، وهو ما منح الجسر صلابة وأمناً يتناسبان مع طبيعته الاستثنائية.
يشكل افتتاح جسر هواجيانغ امتداداً جديداً لسلسلة من المشروعات التي وضعت مقاطعة قويتشو في صدارة مناطق العالم من حيث كثافة الجسور، حيث تضم وحدها أكثر من ثلاثين ألف جسر، منها أعلى ثلاثة جسور على مستوى العالم، فيما تحتضن نصف أعلى مئة جسر في العالم، ويبلغ الطول الإجمالي للجسور القائمة وتلك تحت الإنشاء حالياً أكثر من 5400 كيلومتر، وهو رقم يعادل تقريباً المسافة الفاصلة بين شمال الصين وجنوبها.
يحمل هذا المشروع أيضاً بعداً استراتيجياً يتجاوز كونه معبراً للنقل، فهو رمز لقدرة الصين على الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة وتطويعها في أصعب البيئات الطبيعية، كما أنه يمثل خطوة إضافية في تعزيز مكانة البلاد كقوة رائدة في مجال البنية التحتية، ويمثل جسراً فعلياً ومعنوياً يربط بين الماضي الطموح والحاضر المتسارع في مسار التنمية الصينية.





