بالأرقام

الرهان الذي أثمر بعد صبر طويل.. كيف تحولت الكويت إلى الأسرع نمواً سياحياً عربياً؟

تشهد منطقة الخليج العربي تحوّلاً استراتيجياً لافتاً في خارطة السياحة الإقليمية، إذ بدأت جهود الاستثمار في هذا القطاع تثمر نتائج ملموسة، بعد سنوات من العمل المتواصل لتطوير البنية التحتية وتنويع المقاصد السياحية.

وأظهرت بيانات حديثة صادرة عن منظمة السياحة العالمية أن دول مجلس التعاون الخليجي باتت تتصدر قائمة الدول العربية من حيث حجم الإيرادات السياحية، في دلالة واضحة على نجاح الرؤية الاقتصادية التي راهنت على السياحة كأحد أعمدة التنويع الاقتصادي، وكمحرّك جديد للنمو غير النفطي في المنطقة.

وتؤكد التقارير أن الإمارات واصلت تصدّرها للمشهد السياحي العربي خلال عام 2024 بإيرادات بلغت 57 مليار دولار، مسجلة نمواً بنسبة 10% مقارنة بالعام السابق، بينما حلت السعودية في المرتبة الثانية بإجمالي 41 مليار دولار ونمو 14%، مدفوعة بالفعاليات الكبرى التي استضافتها الرياض وجدة والدرعية.

في المقابل، برزت الكويت كلاعب جديد في سباق الصدارة، بعد أن حققت قفزة غير مسبوقة بنسبة 35% في إيراداتها السياحية لتصل إلى 2.3 مليار دولار، ما جعلها الأسرع نمواً بين جميع الدول العربية في هذا القطاع، وفق ما نقلته “بلومبيرغ الشرق”.

وجاء هذا الارتفاع اللافت في الإيرادات نتيجة فتح الباب أمام التأشيرات السياحية للزوار من مختلف الجنسيات، إلى جانب تنظيم بطولة «خليجي زين 26» التي احتضنتها الكويت بين ديسمبر 2024 ويناير 2025، والتي أسهمت بشكل مباشر في تنشيط حركة الفنادق والمطاعم ووسائل النقل الداخلي.

ولم تقتصر الطفرة على الكويت وحدها، إذ سجلت قطر إيرادات بلغت 8.4 مليارات دولار محتلة المركز الخامس عربياً، فيما نمت إيرادات البحرين بنسبة 12% لتصل إلى 3.7 مليارات دولار، كما حلت مصر والمغرب في المركزين الثالث والرابع على التوالي بإيرادات تجاوزت 26 مليار دولار مجتمعَتين.

وتعكس هذه الأرقام، بحسب محللين، مدى التغيّر في طبيعة اقتصادات الخليج التي أصبحت تعتمد على السياحة كقوة موازية للنفط، بعدما عززت الحكومات استثماراتها في الترفيه والثقافة والفعاليات الرياضية الكبرى، فقد أطلقت دول المنطقة مواسم سياحية ضخمة مثل “موسم الرياض” و“مهرجان دبي للتسوق” و“الكويت وندرلاند”، وهي مبادرات أسهمت في تحويل مدن الخليج إلى وجهات عالمية تستقطب الزوار طوال العام، وليس في مواسم محددة فقط.

وارتبط هذا التحول بجهود حكومية مكثفة لتحديث البنية التحتية والمطارات وشبكات النقل العام، إلى جانب تشييد الفنادق والمراكز الترفيهية المتطورة التي تضاهي المعايير العالمية، وهو ما انعكس مباشرة على مستوى الخدمات المقدّمة للسياح، ورفع من تصنيف المدن الخليجية على مؤشرات السياحة العالمية، كما ساهمت الفعاليات الوطنية والمهرجانات الثقافية والفنية في إبراز الهوية المحلية وتعزيز الجاذبية السياحية للمنطقة.

ويعتقد خبراء أن الأداء الإيجابي سيستمر خلال عام 2025 مع افتتاح مشاريع جديدة في مجالات السياحة البحرية والبيئية، إضافة إلى توسيع الربط الجوي بين العواصم الخليجية واستضافة معارض ومؤتمرات دولية كبرى.

ومن المنتظر أن تواصل الكويت تحديداً مسارها التصاعدي في القطاع السياحي، مستفيدة من الإصلاحات الحكومية الأخيرة التي شملت تسهيل دخول المستثمرين وتطوير الواجهات البحرية والمناطق الثقافية الجديدة، لتؤكد أن الرهان على السياحة لم يكن مغامرة، بل خطوة مدروسة أعادت رسم ملامح اقتصادها على أسس مستدامة تجمع بين الترفيه والابتكار والانفتاح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى