وجهات سياحية

صخور يوتا تكشف وجه الطبيعة الرسامية في لوحة الزمن

تجذب ولاية يوتا الأمريكية أنظار الزوار بفضل تكويناتها الصخرية الطبيعية التي تبدو كأنها لوحات رسمتها يد فنان، وتظهر الصخور بألوان حمراء وبرتقالية وزرقاء تتدرج بانسجام مذهل.

ويؤكد علماء الجيولوجيا أن هذه الألوان ناتجة عن رواسب معدنية تأكسدت بمرور ملايين السنين، حيث يمنح الحديد المؤكسد الصخور درجاته النارية التي تشبه الصدأ الطبيعي، بينما تضيف المعادن الأخرى لمسات لونية دقيقة تجعل المشهد يبدو وكأنه لوحة حقيقية.

يستكشف الزوار في منتزه برايس كانيون الوطني مئات الأعمدة الصخرية التي ترتفع بشكل حاد نحو السماء، وتُعرف هذه التكوينات باسم الأبراج الصخرية أو “الهودو”، وتتشكل بفعل تآكل طويل الأمد أحدثته الرياح والمياه والجليد، ويقول الخبراء إن الطبيعة في يوتا لا تنحت الصخور فقط بل ترسمها أيضًا، إذ يخلق التفاعل بين الضوء واللون والأشكال مشهدًا متغيرًا في كل ساعة من اليوم، ما يجعل الموقع من أكثر المناطق تصويرًا في أمريكا الشمالية.

يشهد المصورون والمستكشفون أن ظاهرة الألوان في صخور يوتا تزداد بروزًا عند شروق الشمس وغروبها، إذ تتوهج الصخور بدرجات ذهبية ونحاسية تحاكي لوحات الرسم الزيتية، ويظهر هذا التأثير بوضوح في مناطق مثل وادي النصب التذكاري وموجة الصخر الرملي الشهيرة التي تقع قرب حدود أريزونا، ورغم وقوعها إداريًا بين الولايتين إلا أن ملامحها الجيولوجية ترتبط بهوية يوتا الطبيعية، وتُعد من أكثر المواقع التي تجسد مزيج الفن والعلم في الطبيعة.

يشير الجيولوجيون إلى أن هذه الأشكال الغريبة نشأت نتيجة عمليات تآكل بطيئة تراكمت عبر ملايين السنين، إذ تنحّت طبقات الصخور تدريجيًا بفعل الرياح والمياه والجليد حتى أصبحت كما نراها اليوم، وتبدو بعض التكوينات كالأمواج المتجمدة أو التماثيل التجريدية، وتوفر هذه الظاهرة فرصة لدراسة العلاقة بين المناخ والبنية الصخرية وتأثير الزمن على تشكيل المناظر الطبيعية، وهو ما يجعل المنطقة مقصدًا للباحثين والفنانين في آن واحد.

تتحول يوتا يومًا بعد يوم إلى متحف مفتوح للطبيعة، حيث تتلاقى الجيولوجيا مع الفن في مشهد لا يتكرر، وتدعو السلطات السياحية إلى الحفاظ على هذه المواقع الفريدة التي تمثل إرثًا طبيعيًا عالميًا، ويعتبرها عشاق التصوير والرحلات الجبلية مكانًا مثاليًا لاكتشاف الجمال النادر الذي يجمع بين الصلابة والانسجام، وتبقى صخور يوتا شاهدًا على قدرة الطبيعة على الإبداع والتشكيل ببطء وإتقان عبر العصور.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى