المتحف المصري الكبير .. القاهرة تستعد لفتح بوابة الزمن وكشف سر الفرعون الذهبي
تتهيأ القاهرة لحدث ثقافي غير مسبوق يعيد كتابة المشهد السياحي والثقافي في مصر، إذ تستعد وزارة السياحة والآثار لافتتاح في نوفمبر المقبل، بعد سنوات من الانتظار والتحضير، ليصبح أكبر متحف أثري في العالم، ومركزا لعرض تاريخ مصر الممتد عبر آلاف السنين، حيث أكدت الصفحة الرسمية للوزارة عبر “فيسبوك” أن الزوار على موعد مع تجربة استثنائية تجمع بين عبق التاريخ وروح الابتكار المعاصر.
أعلنت إدارة المتحف عن بدء الحجز الرسمي للزيارات المحدودة قبل الافتتاح الرسمي، بهدف اختبار جاهزية القاعات والمرافق، وتجربة حركة الزوار داخل الموقع، وتشمل الجولة المبدئية قاعات العرض الرئيسية، والبهو العظيم الذي يحتضن تمثال الملك رمسيس الثاني، إضافة إلى الدرج العظيم، والمنطقة التجارية والحدائق الخارجية، بينما تبقى قاعات توت عنخ آمون مغلقة حتى حفل الافتتاح الرسمي، الذي سيشهد الكشف الكامل عن المجموعة الذهبية التي لم تُعرض مجتمعة من قبل.
حددت إدارة المتحف 15 أكتوبر موعدا لإغلاق الزيارات التجريبية، تمهيدا لاستكمال اللمسات النهائية، ثم في 20 أكتوبر تبدأ عملية نقل قطع مجموعة توت عنخ آمون من المتحف المصري بالتحرير إلى المتحف الجديد، استعدادا لحفل الافتتاح في الأول من نوفمبر بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي وعدد من الزعماء وقادة الدول، على أن تُخصص أيام 2 و3 نوفمبر لزيارات خاصة لكبار الشخصيات، ويُفتح المتحف أمام الجمهور في الرابع من الشهر ذاته، بالتزامن مع الذكرى 103 لاكتشاف مقبرة الفرعون الذهبي في وادي الملوك عام 1922.
تضم التجربة الجديدة عناصر جذب استثنائية، تبدأ من المسلة المعلقة التي تحمل توقيع الملك رمسيس الثاني، مرورا بالدرج العظيم الذي يعرض قطعا ضخمة من مختلف عصور الدولة المصرية القديمة، وصولا إلى قاعة توت عنخ آمون التي تحتوي على أكثر من خمسة آلاف قطعة أثرية نُقلت بعناية فائقة لتعرض للمرة الأولى كاملة في مكان واحد، ما يجعلها التجربة الأثرية الأضخم في القرن الحادي والعشرين.
ويتيح المتحف نوعين من الزيارات، الأولى عامة وتشمل جولات حرة داخل أروقته، والثانية إرشادية يقودها خبراء متخصصون، وحددت الأسعار لتناسب مختلف الفئات، إذ تبلغ قيمة التذكرة للمصريين 200 جنيه، وللطلاب وكبار السن 100 جنيه، بينما تصل للأجانب إلى 1220 جنيها، والعرب المقيمين 610 جنيهات، أما الجولات الإرشادية فتبدأ من 350 جنيها للمصريين، و1700 جنيه للأجانب، و850 جنيها للعرب المقيمين، ويتم الحجز عبر المنفذ الإلكتروني الرسمي فقط لضمان التنظيم والدقة.
تسعى وزارة السياحة من خلال هذا الافتتاح إلى إعادة مصر إلى صدارة الوجهات الثقافية العالمية، وإبراز قدرتها على الجمع بين التراث العريق والتقنيات الحديثة في العرض والتفاعل، إذ يتضمن المتحف أقساما تفاعلية للأطفال، وتجارب رقمية تسمح للزوار باستكشاف الحضارة المصرية بطريقة جديدة تعتمد على الواقع المعزز والعروض البصرية، كما يضم مركزا بحثيا متخصصا لترميم الآثار والحفاظ عليها.
يمثل المتحف المصري الكبير ليس فقط مشروعاً أثرياً، بل رمزا لاستمرارية الدولة المصرية في حماية تاريخها، فقد استغرق تشييده أكثر من عقدين من الزمن، بمشاركة دولية وتمويل ضخم، ليصبح بوابة جديدة للهوية المصرية أمام العالم، ويؤكد أن القاهرة ما زالت عاصمة التاريخ ومهد الحضارات، وأن كل قطعة فيه تحمل شهادة على عبقرية المصري القديم وقدرته على تخليد حضارته بأدق التفاصيل.





