الأخبار

جازان تعزّز حضورها كموطنٍ للإبل ومهدٍ للموروث السعودي

يشهد قطاع الإبل في منطقة جازان نهضة واضحة مدعومة برؤية وطنية تهدف إلى تعزيز الأمن الغذائي وتنمية الاقتصاد الريفي وصون الهوية الثقافية، حيث تمثل الإبل في هذه المنطقة ركيزة أساسية من ركائز الحياة الاجتماعية والاقتصادية، ومرآةً تعكس ارتباط الإنسان ببيئته منذ القدم، لما تمثله من رمز وطني يرتبط بتاريخ الجزيرة العربية وموروثها الأصيل.

وتحتضن جازان أكثر من 79 ألف رأس من الإبل وفق بيانات وزارة البيئة والمياه والزراعة، لتكون من أغنى مناطق المملكة في تنوع السلالات، حيث تمتاز إبلها بقدرتها العالية على التكيّف مع تضاريس المنطقة المتباينة بين السهول الساحلية والجبال الوعرة، مما جعلها موردًا اقتصاديًا مهمًا ومصدر فخرٍ لأهلها الذين حافظوا على تربيتها جيلاً بعد جيل.

وتُقسم الإبل في جازان إلى ثلاث سلالات رئيسية، هي إبل “الأوارك” التي يُعرف حليبها بغناه وجودته العالية، وإبل “السواحل” التي تتميز بسرعة التكاثر وإنتاجيتها الكبيرة، وإبل “العوادي” الجبلية المعروفة بصلابتها وقوتها وقدرتها على تحمل الظروف الصعبة في المناطق المرتفعة، ما يعكس التنوع الجغرافي والمناخي الذي يمنح المنطقة ثراءً بيولوجيًا فريدًا.

ويُعد السوق الشعبي في محافظة أحد المسارحة مركزًا اقتصاديًا نابضًا، يجتمع فيه مربو الإبل من مختلف محافظات المنطقة لعرض سلالاتهم وتبادل الخبرات وعقد صفقات البيع والشراء، في مشهد يجسد عمق الارتباط بين المجتمع المحلي والإبل بوصفها جزءًا من هويته اليومية، لا مجرد مصدر دخل أو تجارة، حيث تتوارث العائلات تقاليد الرعاية والتدريب، ويزداد اهتمام الشباب بدخول هذا المجال مدفوعين بروح المبادرة والانتماء الوطني.

وتعمل وزارة البيئة والمياه والزراعة على تنفيذ مشاريع تطويرية نوعية في جازان تستهدف تحسين السلالات وتوسيع الخدمات البيطرية وتنظيم الأسواق، إلى جانب دعم البرامج الإرشادية للمربين، بما يسهم في رفع الكفاءة الإنتاجية وتحقيق استدامة هذا القطاع الحيوي الذي يمثل جزءًا من منظومة الأمن الغذائي الوطني.

وتعكس هذه الجهود التوجه الاستراتيجي للمملكة نحو تنمية المناطق الريفية وتعزيز القيمة الاقتصادية للموروث الحيواني، إذ تُعد الإبل في جازان أكثر من مورد زراعي، فهي عنصر من عناصر الهوية الوطنية، ورافدٌ للثقافة الشعبية، ومصدر فخر لأهلها الذين يرون فيها رمزًا للصبر والكرم والارتباط بالأرض، لتبقى شاهدة على استمرار العلاقة بين الإنسان والطبيعة في واحدة من أجمل مناطق المملكة تنوعًا وثراءً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى