وجهات سياحية

تجربة صعود غار حراء السياحية تعيد إحياء الذاكرة النبوية وتستحضر روح المكان المقدس في مكة المكرمة

يشهد “حي حراء الثقافي” في مكة المكرمة إقبالًا متزايدًا من الزوار الذين يقصدونه لخوض تجربة صعود “غار حراء”، تلك الرحلة التي تجمع بين البعد الروحاني والتاريخي في موقعٍ يحمل أحد أهم الرموز في التاريخ الإسلامي، إذ يقدم الحي تجربة منظمة تسعى إلى تمكين الزائر من عيش تفاصيل المكان واستحضار لحظة نزول الوحي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، في أجواء تجمع السكينة بالرهبة والإيمان بالدهشة.

يبدأ الزائر رحلته عبر طريق ممهد ومجهز بعوامل الأمان ولوحات إرشادية توضح مسار الصعود، بينما حافظت إدارة الحي على الطبيعة الأصلية للجبل بما يتيح للزائر التفاعل مع تضاريسه الوعرة، ليشعر أنه يسير في طريقٍ محفوف بالروحانية والعظمة التاريخية، ومع كل خطوة يقترب فيها من قمة الجبل، تتضاعف مشاعر التأمل والانبهار حتى يبلغ الغار الذي شهد بداية الرسالة الخالدة.

يمنح الصعود إلى الغار إطلالة بانورامية على مكة المكرمة، وتتيح هذه اللحظة النادرة للزائر رؤية المدينة من أعلى نقطة فيها، مصحوبة بإحساس روحي غامر يعيد إلى الأذهان تلك اللحظة التي غيّرت مجرى التاريخ، لحظة نزول الوحي على النبي الكريم وهو في خلوته يتفكر ويتعبد. ويستشعر الزائر في تلك اللحظة سكون المكان وقدسيته، فيشعر أن الزمن توقف عند تلك الصخرة التي احتضنت أول آيات النور.

ولتسهيل الوصول إلى الغار، عملت إدارة “حي حراء الثقافي” على تطوير مسار الصعود بإضاءة متكاملة ومسار واسع يبدأ بانحدار لطيف ثم يتدرج في الصعوبة كلما ارتفع الزوار، حتى يتحول إلى درج صخري غير منتظم يتطلب بعض الجهد واللياقة، لذلك يُنصح بالصعود في أوقات الفجر أو بعد العصر لتجنب حرارة الشمس، وارتداء أحذية مريحة وملابس مناسبة، مع حمل الماء الكافي لتجربة أكثر أمانًا وراحة.

يرى الزوار أن التجربة ليست مجرد نشاط سياحي، بل رحلة روحية إلى أعماق التاريخ، إذ قال بعضهم إن الصعود إلى غار حراء يمنحهم فرصة للتأمل في عظمة الرسالة التي انطلقت منه، بينما وصف آخرون التجربة بأنها لحظة نادرة تجمع بين الإيمان والدهشة والتواضع أمام عظمة الحدث الذي غيّر وجه البشرية، مؤكدين أنهم يشعرون بالسكينة والطمأنينة بمجرد بلوغهم الغار.

ويمتاز “حي حراء الثقافي” بتصميمه المعماري المستوحى من هوية المكان، إذ يجمع بين الطابع التاريخي والحداثة في تخطيطه العمراني، كما يضم مرافق متعددة لخدمة الزوار، من ممرات منظمة ومناطق جلوس ومتاجر للهدايا ومقاهٍ، فضلًا عن الفعاليات الثقافية التي تُقام على مدار العام لتعريف الأجيال بتاريخ الجبل ومكانته. ويقع الحي في موقع استراتيجي على الطريق الرابط بين مكة والطائف، بمساحة تبلغ نحو 67 ألف متر مربع، ليصبح وجهة دائمة تجمع الزوار من مختلف الدول على مدار العام.

تجسّد تجربة صعود “غار حراء” اليوم مزيجًا من الإيمان والثقافة والتراث، وتُعد نموذجًا رائدًا في تطوير السياحة الدينية بالمملكة، إذ تحافظ على قدسية المكان وتقدّم تجربة منظمة تُمكّن الزائر من الاقتراب من لحظة تاريخية شكّلت بداية النور والهداية للعالم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى