اكتشاف تنوع أحيائي مذهل في أعماق البحر الأحمر
اكتشف فريق بحثي سعودي تنوعاً أحيائياً غير مسبوق في مياه البحر الأحمر، شمل كائنات بحرية جديدة محتملة، من بينها قشريات طفيلية وديدان عميقة، إلى جانب مجتمعات ميكروبية تؤدي دوراً محورياً في تدوير المغذيات وإنتاج الميثان، ما يجعل هذا الاكتشاف خطوة علمية مهمة في فهم النظام البيئي لأحد أكثر البحار تفرّداً في العالم.
وأوضح المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية أن هذا الإنجاز جاء ضمن دراسة موسعة لتقييم التنوع الأحيائي في البحر الأحمر بالتعاون مع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، حيث استندت إلى تحليل الحمض النووي البيئي (eDNA) المستخلص من عينات مياه ورواسب جمعت خلال مشروع رحلة العقد للبحر الأحمر (RSDE)، بهدف إنشاء قاعدة بيانات جينية شاملة تسهم في حفظ واستدامة البيئات البحرية.
واعتمد الباحثون في هذه الدراسة على تقنيات تسلسل الحمض النووي عالي الإنتاجية لتتبع البصمة الجينية للكائنات الحية في بيئات مختلفة، من السواحل الضحلة حتى المياه العميقة، ما مكّن الفريق من رصد توزيع الكائنات البحرية بدقة غير مسبوقة، وكشف أنماط تغيرها وفق العمق وخطوط العرض والعوامل البيئية المتنوعة.
وبيّنت نتائج الدراسة أن المجتمعات البحرية في المياه المفتوحة تختلف بشكل ملحوظ عن نظيراتها الساحلية، حيث تتبدل تركيبتها تبعاً للعوامل الفيزيائية والكيميائية في كل منطقة، ما يوضح مدى التعقيد البيئي في البحر الأحمر وأهمية حمايته من التغيرات البشرية والطبيعية.
وكشفت الدراسة عن توليد أكثر من 12.8 مليار تسلسل جيني تمثل أكبر قاعدة بيانات للتنوع الأحيائي في البحر الأحمر حتى اليوم، كما تم تسجيل 1,023 عائلة من الكائنات حقيقية النوى و56 نوعاً من شعبة الحبليات التي تضم الفقاريات كالأسماك، ما يفتح الباب أمام اكتشافات علمية جديدة تعزز فهم النظم البيئية البحرية في المنطقة.
وأكد الدكتور محمد علي قربان، الرئيس التنفيذي للمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، أن هذا المشروع يمثل نقلة نوعية في طرق مراقبة وحماية البيئة البحرية، موضحاً أن قاعدة البيانات الجينية الجديدة ستتيح تتبع التغيرات في توزيع الأنواع ومراقبة التنوع عبر الزمن، إضافة إلى تقديم بيانات علمية دقيقة لمواجهة آثار التلوث وتدهور الموائل البحرية.
وأشار إلى أن هذه النتائج ستسهم في تحديد المناطق ذات الأهمية البيئية العالية، ودعم التخطيط لإنشاء محميات بحرية جديدة ضمن البحر الأحمر، بما يتماشى مع جهود المملكة في تحقيق التنمية البيئية المستدامة ضمن رؤية السعودية 2030 ومبادرة السعودية الخضراء.
وتمكّن الفريق البحثي من دمج البيانات الجينية مع القياسات البيئية التي جُمعت خلال الرحلة، ما أتاح تطوير أداة علمية متقدمة لرصد التغيرات في التنوع الأحيائي، واستشراف آثار التغير المناخي والتلوث البحري، ليصبح هذا المشروع علامة فارقة في مجال البحث البيئي في المنطقة، ومصدر إلهام لمشاريع مستقبلية تهدف إلى حماية كنوز البحر الأحمر الطبيعية.





