غير مصنف

مدينة أمريكية تودع الشمس لبدء ليل قطبي طويل

شهدت مدينة أوتكياغفيك الواقعة في أقصى شمال ولاية ألاسكا الأمريكية، حدثاً فلكياً سنوياً مثيرًا يتمثل في غروب الشمس للمرة الأخيرة هذا العام، لتبدأ فترة “الليل القطبي”.

تعرف هذه الظاهرة علميًا باسم “الليل القطبي” (Polar Night)، وتحدث عندما تقع منطقة جغرافية داخل الدائرة القطبية الشمالية، حيث تميل الأرض بعيدًا عن الشمس في الشتاء، تؤدي هذه الإمالة إلى بقاء الشمس تحت الأفق، لدرجة أنها لا ترتفع فوقه إطلاقًا، وذلك لعدة أسابيع متواصلة، وهي ظاهرة طبيعية فريدة.

تُعد أوتكياغفيك، التي كانت تُعرف سابقاً باسم “بارو” (Barrow)، أقصى نقطة شمالية مأهولة في الولايات المتحدة، ما يجعلها مركزًا لهذه الظاهرة، وغربت الشمس بشكل نهائي في سماء المدينة حول 18 أو 19 نوفمبر الجاري، ولن تشرق مرة أخرى إلا في وقت متأخر من يناير من العام القادم.

سيعيش سكان المدينة حوالي 65 إلى 66 يومًا في هذه الظاهرة، ما يعني فترة سبات شتوي طويلة تتجاوز الشهرين دون رؤية قرص الشمس المباشر، ويتبادر إلى الذهن تساؤل حول ما إذا كان السكان يعيشون في ظلام دامس طوال الـ 24 ساعة، والإجابة هي أن الظلام لا يكون حالكًا ومطلقًا طوال الوقت.

تشهد المدينة بدلاً من الظلام الكلي ما يُسمى “الشفق المدني” (Civil Twilight)، وهي حالة إضاءة خافتة تعوض الغياب التام لأشعة الشمس المباشرة، وتستمر هذه الحالة الضوئية عادةً لبضع ساعات يوميًا، تتراوح ما بين 3 إلى 6 ساعات، حيث تكون الشمس تحت الأفق بقليل جدًا.

يمنح الشفق المدني ضوءًا خافتًا يميل إلى اللون الأزرق الجميل، يسمح للسكان بالرؤية دون الحاجة إلى إضاءة اصطناعية كاملة أثناء النهار.

لا يعني هذا الضوء الخافت أن قرص الشمس سيكون مرئيًا، بل هو انعكاس وتشتت للضوء في الغلاف الجوي، ما يخفف من قتامة الليل، ويأتي التساؤل عن سبب الإشارة إلى عام 2026 في سياق الحديث عن هذه الظاهرة، وهذا يرجع إلى التوقيت الفلكي.

انطلقت فترة الليل القطبي فعليًا في نوفمبر 2025، وهي فترة مستمرة لن تنتهي إلا مع بداية العام الجديد، وتحديداً في يناير 2026، ويُعد هذا التوقيت دقيقًا ومتوافقًا مع التقويم الفلكي الحالي، وهو ما يفسر استخدام الإشارة إلى العامين في وصف الظاهرة الممتدة.

ودع سكان مدينة أوتكياغفيك الشمس فعليًا قبل أيام قليلة، وبدأوا الآن رحلتهم الطويلة في فترة الليل القطبي، متأهبين لانتظار الدفء والشروق.

يترقب السكان ظهور أول شعاع للشمس بعد انقضاء أكثر من شهرين، ليبدأ العام الجديد ومعه عودة الإضاءة الطبيعية لتدب الحياة بنشاط أكبر، وتتطلب الحياة في هذه الظروف القاسية تكيفًا كبيرًا، حيث يعتمد السكان على الإضاءة الداخلية ومخزون المؤن للتعامل مع تحديات السبات الشتوي.

تمثل هذه الظاهرة تحديًا فسيولوجيًا ونفسيًا للسكان، لكنها في الوقت ذاته تعد جزءًا لا يتجزأ من هويتهم وثقافة العيش في المنطقة القطبية، وتشكل هذه الفترة فرصة فريدة لمراقبة ظواهر فلكية أخرى، أهمها أضواء الشفق القطبي الساحرة التي تضيء السماء القاتمة، ما يمنحهم منظراً بديعاً.

تستمر الحياة والأنشطة اليومية في المدينة، رغم غياب الشمس، مع الاعتماد الكلي على الإضاءة الاصطناعية والاستفادة من ساعات الشفق المدني القليلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى