إنفاق السياح الخليجيين بألمانيا يتجاوز ملياري يورو ويرفعها للعشرة الكبار
أكدت بترا هيدروفر، الرئيسة التنفيذية للمجلس الوطني الألماني للسياحة، أن ألمانيا نجحت خلال الأعوام الماضية في تغيير صورتها النمطية، وترسيخ مكانتها كواحدة من أبرز الوجهات السياحية العالمية، بعدما كانت تُعرف تقليدياً بكونها مركزاً قوياً لصناعة السيارات والتكنولوجيا، وبذلك تحولت من وجهة عمل إلى وجهة ترفيه بامتياز.
أوضحت هيدروفر أن السياحة الترفيهية باتت اليوم تمثل المحرك الأكبر لرحلات الزوار الدوليين، مما يشير إلى تحول جذري في دوافع السفر إلى البلاد، إذ لم يعد أكثر من 23% من الزوار يقصدونها لأغراض الأعمال التقليدية، مما يعكس نجاح استراتيجيات الترويج الثقافي والترفيهي التي تم تبنيها.
كشفت المسؤولة الألمانية أن إنفاق السياح الدوليين في ألمانيا بلغ 77 مليار يورو خلال عام 2024، في مؤشر على الحجم الهائل للسوق السياحي، وجاءت تصريحاتها ضمن مؤتمر صحافي عُقد في سوق مدينة جميرا بدبي، بمناسبة مرور 20 عاماً على وجود المجلس الوطني الألماني للسياحة في دول مجلس التعاون الخليجي، وهو ما يؤكد أهمية المنطقة الاستراتيجية.
استعرضت هيدروفر خلال اللقاء أحدث مؤشرات الأداء السياحي العالمي، مسلطة الضوء على الدور البارز للسوق الخليجي، الذي عزز موقعه ليصبح ثالث أكبر سوق خارجي مُصدّر للسياح إلى ألمانيا، وقد وصل إنفاق هذا السوق المهم إلى 2.3 مليار يورو في عام 2024، مما يجعله شريكاً استراتيجياً لا غنى عنه في الخطط المستقبلية.
استقبلت ألمانيا 28.5 مليون زائر دولي خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، مما يمثل قفزة نوعية في الأداء السياحي مقارنة بالسنوات الماضية، وبفعل هذه الأرقام، صعدت البلاد إلى قائمة أفضل 10 وجهات سياحية عالمياً، بعد أن كانت قبل سنوات تحتل مراكز متأخرة تتراوح بين 30 و40 عالمياً، مما يعكس نجاح جهود الترويج المكثفة.
أكدت الرئيسة التنفيذية أن الهدف المستقبلي للمجلس الوطني للسياحة هو مواصلة هذا الصعود التصنيفي والكمي، بدعم متواصل من الأسواق الإستراتيجية المهمة التي أثبتت ولاءها، وفي مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجي التي تعد محوراً رئيسياً للخطة المقبلة، مما يضمن استدامة النمو الاقتصادي، ويؤمن مصادر دخل جديدة.
سلطت هيدروفر الضوء على العلاقة الخاصة التي تربط ألمانيا بالسائح الخليجي، مشيرة إلى أن الزوار الخليجيين كانوا أول الفئات عودة إلى الوجهة الألمانية بعد جائحة كوفيد–19، مما يدل على ثقتهم العميقة في جودة الخدمات والمعايير الصحية المتبعة، وأنهم يُعتبرون من أكثر الفئات ولاءً للسياحة في ألمانيا، وهو مؤشر فريد في أسواق السياحة العالمية.
لفتت الإحصائيات إلى أن ثلثي الزوار الخليجيين لألمانيا هم من العائدين الذين يكررون زياراتهم بانتظام، بينما وصلت نسبة 29% منهم إلى حد زيارة البلاد أكثر من أربع مرات، مما يبرهن على جاذبية ألمانيا المتجددة، وتنوع عروضها السياحية التي تلبي الاحتياجات المتغيرة لهذه الشريحة، ويعكس رضاهم التام عن التجربة المقدمة والجودة.
تتميز السياحة الخليجية بالإنفاق المرتفع ومتوسط الإقامة الطويل، مما يجعلها قيمة مضافة حقيقية للاقتصاد الألماني والمجتمعات المحلية، ويركز الزوار الخليجيون على تجارب التسوق الفاخر والمدن التاريخية والمراكز الصحية المتخصصة، حيث يبحثون عن الجودة العالية والخدمات المتميزة، وهو ما يتوفر بكثرة في المدن الألمانية الكبرى والريف البافاري.
ساهم الإنفاق الذي بلغ 2.3 مليار يورو من السوق الخليجي بشكل كبير في دعم قطاعات واسعة من الاقتصاد الألماني، من الفنادق الراقية والمطاعم إلى وسائل النقل وتجارة التجزئة، وهذا الحجم المالي يظهر بوضوح القوة الشرائية للسائح الخليجي، ويؤكد أهمية العمل على تطوير منتجات سياحية تستهدف هذه الفئة بشكل خاص ومدروس لتلبية تطلعاتها.
تعرض ألمانيا اليوم مجموعة واسعة من التجارب التي تتجاوز شهرتها الصناعية التقليدية، بدءاً من مسارات الطرق الثقافية والتاريخية الشهيرة مثل طريق الرومانسية، وصولاً إلى الطبيعة الخلابة لجبال الألب والغابات السوداء، مما يقدم تنوعاً يلائم جميع أفراد العائلة الباحثين عن الهدوء والاستكشاف، ويجذبهم لقضاء أوقات طويلة في استكشاف البلاد.
جددت هيدروفر التزام المجلس الوطني الألماني للسياحة بتعميق الشراكة الاستراتيجية مع دول مجلس التعاون الخليجي، مع التركيز على تسهيل إجراءات السفر والترويج للوجهات الجديدة المناسبة لاهتماماتهم، مؤكدة أن ولاء هذا السوق ودعمهم المالي المستمر سيلعب الدور الأهم في تحقيق هدف الصعود نحو صدارة الوجهات العالمية، واستدامة النجاح السياحي لسنوات قادمة.





