الأخبار

كيف يحمل السعف سلة ذاكرة الأجداد في المملكة العربية السعودية؟

يعود “الزبيل”، ذلك الوعاء المنسوج بدقة من سعف النخيل، ليحكي قصة التراث السعودي العريق، ويجسد في طياته ملامح الحياة الشعبية الأصيلة في البيئات الزراعية، خاصةً داخل مناطق زراعة النخيل.

كان “الزبيل” قديمًا رفيقًا دائمًا للبيوت والأسواق القديمة على حد سواء، بأحجامه المتنوعة التي خدمت الناس في مهام حياتهم اليومية، مما جعله جزءًا أساسيًا من تفاصيل المعيشة.

استخدم الناس هذا الوعاء لحمل التمور والفواكه أثناء مواسم الحصاد، وأيضًا للتسوق اليومي وحفظ المستلزمات المنزلية الضرورية، جامعًا بين جمال الشكل الخارجي والمنفعة العملية الكبيرة.

تحوّل “الزبيل” مع مرور الوقت وبراعة أنامل الحرفيين والحرفيات في تزيينه بخيوط ملونة زاهية، إلى قطعة فنية شعبية تحمل قيمة وجدانية عميقة، تربط الماضي التليد بالحاضر المتجدد، شهد استخدامه تراجعًا ملحوظًا مع ظهور المنتجات الحديثة المصنعة التي غمرت الأسواق، إلا أن إرثه ظل محفوظًا في ذاكرة الأجيال.

عاد هذا الوعاء التراثي اليوم ليحتل مكانًا مهمًا في المتاحف الوطنية والأسواق الشعبية التي تعنى بالتراث، مجسدًا عودة قوية للموروث الشعبي.

يظهر “الزبيل” الآن كحقيبة تسوّق عصرية صديقة للبيئة، ويستخدم كذلك كديكور تراثي يعكس اهتمام الجيل الجديد بالموروث المحلي والقيم القديمة، يشكل هذا الرواج الجديد دليلًا على سعي المجتمع للحفاظ على الهوية الثقافية، ودمجها بأسلوب الحياة الحديث والمعاصر.

يُصنف “الزبيل” ضمن الصناعات الحرفية التي تحتاج إلى عناية ودعم، لضمان استمرار مهارات صناعته عبر الأجيال المتعاقبة، يظل “الزبيل” شاهدًا حيًا لا يغيب على العلاقة العميقة والوطيدة التي ربطت الإنسان السعودي بالنخلة المباركة عبر التاريخ.

يرمز هذا الوعاء إلى البساطة والأصالة والهوية الشعبية الراسخة، التي صاغت تفاصيل الحياة اليومية للمجتمع عبر العقود الماضية، تسعى العديد من الفعاليات التراثية والمهرجانات الثقافية إلى تسليط الضوء على هذه الحرف اليدوية، لتعريف الأجيال الجديدة بقيمتها التاريخية والحرفية.

تُعد المنتجات المصنوعة من السعف جزءًا لا يتجزأ من الإرث غير المادي للمملكة، وتأكيدًا لعمق الحضارة المحلية، يمثل تجدد الإقبال على “الزبيل” إشارة واضحة إلى قوة الجذور الثقافية، وقدرتها على التكيف والبقاء في وجه التطور التقني الهائل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى