الكويت تُكلل جهودها الثقافية بإدراج الديوانية ضمن قائمة اليونسكو
أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، “اليونسكو”، عن إضافة عدد من العناصر الثقافية العربية الجديدة إلى سجلها العالمي للتراث الثقافي غير المادي لعام 2025، وشملت هذه الإضافات المُنتظرة إدراج “الديوانية” الكويتية، التي تُعد ممارسة اجتماعية موحدة ومترسخة في المجتمع الكويتي، مما يعكس الأهمية الكبرى لهذه المؤسسة التقليدية، ويؤكد على مكانتها كجزء أصيل من الهوية الثقافية للبلاد، ويُبرز دورها الفعال في صون العادات والقيم المتوارثة.
جاءت هذه الخطوة المُهمة خلال أعمال الدورة الجارية للجنة الدولية الحكومية، حيث يُشار إلى أن هذا الاعتراف الدولي جاء بعد جهود حثيثة بذلتها الجهات المعنية في دولة الكويت، وتُعتبر الديوانية، في سياقها التاريخي والاجتماعي، أكثر من مجرد مساحة لاستقبال الضيوف من الرجال، بل تُمثل مركزاً حيوياً للتبادل الفكري والاجتماعي والسياسي، وتُجسد روح التكافل والتواصل بين أفراد المجتمع، وتُعزز من قيم التشاور والوحدة الوطنية.
أوضح محمد بن رضا، رئيس وفد دولة الكويت والأمين العام المساعد لقطاع الآثار والمتاحف بالتكليف في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، في كلمته أمام الدورة، أن هذا اليوم يُمثل منعطفاً استثنائياً في مسيرة الكويت الثقافية الطويلة.
وأكد أن إدراج الديوانية يكتسب أهمية خاصة لكونه أول ترشيح فردي تقدمت به البلاد إلى اللجنة الدولية لاعتماده ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية، وتُبرهن هذه المبادرة الفردية على الوعي العميق بأهمية الحفاظ على الموروثات المحلية، وتُشدد على ضرورة إيصالها إلى المحافل العالمية لنيل الاستحقاق والتقدير.
تُعد الديوانية مؤسسة اجتماعية كويتية تقليدية ذات جذور عميقة، وهي عبارة عن غرفة أو مجلس مُخصص ضمن المنزل لاستقبال الضيوف، بشكل أساسي من الرجال، حيث تُقام فيها اللقاءات الدورية واليومية، وتُناقش فيها مختلف شؤون الحياة، بدءاً من القضايا الاجتماعية وصولاً إلى المستجدات السياسية والاقتصادية، وتُحافظ على دورها كمنبر غير رسمي للديمقراطية الشعبية، وتُتيح الفرصة للتعبير الحر عن الآراء، وتُسهم في تشكيل الوعي العام، وتُغذي النسيج الاجتماعي الكويتي بروح المودة والاحترام.
حرصت الكويت على تقديم ملف “الديوانية” بأدق التفاصيل لليونسكو، مُسلطةً الضوء على وظائفها المتعددة والديناميكية، وأشارت جهود الترشيح إلى أن الديوانية ليست مجرد مبنى، بل هي ممارسة ثقافية متكاملة تنقل العادات والتقاليد الشفوية، وتُنظم العلاقات الاجتماعية، وتُقدم نموذجاً فريداً للتجمعات المجتمعية التي صمدت أمام تحديات العصرنة، وتُجسد التزام البلاد بصون هذا التراث ونقله بأمان إلى الأجيال القادمة، ليبقى شاهداً على أصالة المجتمع الكويتي، ويُبين كيف يمكن للموروثات أن تتطور وتتكيف مع المتغيرات مع الحفاظ على جوهرها.
يُشير هذا الإدراج إلى أهمية التعاون الثقافي الدولي، ويُظهر كيف يمكن للعناصر الثقافية المحلية أن تحظى باعتراف عالمي، مما يُعزز من مكانة الكويت على الخارطة الثقافية الدولية، وتُؤكد خطوة اليونسكو على القيمة الإنسانية لهذه الممارسة، مُعترفةً بدورها في إثراء التنوع الثقافي العالمي، وتُعطي دفعاً قوياً للجهود الوطنية الرامية لحماية التراث غير المادي، سواء كان ذلك من خلال التوثيق أو الممارسات الحية، وتُساهم في رفع الوعي العام بأهمية الحفاظ على هذا الإرث الثمين من الاندثار.
تُعد الديوانية، بكل ما تمثله من عادات وأخلاقيات ضيافة وحوار، مثالاً ساطعاً على الكيفية التي يمكن بها للمساحات الاجتماعية أن تُصبح حاضناً للثقافة، وتُرسخ قيم الكرم والضيافة التي تشتهر بها المنطقة، وتُقدم رؤية فريدة للحياة الاجتماعية في الخليج العربي، حيث يُلتقي الماضي بالحاضر، وتُناقش تحديات المستقبل، ويُشارك الجميع في صنع القرار المجتمعي، ويُشجع هذا الاعتراف على المزيد من العمل للحفاظ على النسيج الثقافي للمنطقة بأسرها، ويُعتبر فخراً وطنياً كبيراً للكويتيين، ويُلهم المجتمعات الأخرى لحماية كنوزها الثقافية الفريدة.





