البشت يُتوج جهود التعاون العربي وينضم لتراث الإنسانية العالمي
أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، “اليونسكو”، عن إدراج ملف “البشت: المهارات والممارسات” رسمياً ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية، وجاء هذا الإنجاز كعنصر ثقافي عربي مشترك بعد عمل جماعي مكثف، وقادت دولة قطر هذا الجهد المشترك، بمشاركة فاعلة من دولة الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية العراق والجمهورية العربية السورية، ويُبرهن هذا التنسيق على عمق الروابط الثقافية والتاريخية التي تجمع هذه الدول، ويُؤكد على وحدة الموروث الحضاري العربي.
جرت فعاليات إعلان الإدراج خلال اجتماعات الدورة العشرين للجنة الحكومية الدولية لاتفاقية 2003 لصون التراث الثقافي غير المادي، وانعقدت هذه الدورة في العاصمة الهندية نيودلهي، حيث شاركت وفود رسمية من الدول المعنية، ومثل دولة الكويت في هذه الاجتماعات وفد برئاسة الأمين العام المساعد لقطاع الآثار والمتاحف بالتكليف في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، محمد بن رضا، ويُعتبر إدراج “البشت” تكريماً لهذه المهارات اليدوية العريقة، ويُسلط الضوء على قيمتها الفنية والتاريخية التي تتجاوز حدود الجغرافيا.
يُمثل إدراج “البشت” في قائمة اليونسكو تتويجاً حقيقياً للتعاون العربي المشترك في مجال حفظ التراث، ويُعكس هذا الإدراج عمق الروابط الثقافية التي تربط شعوب المنطقة، ويُجسد الحرص الشديد للدول المشاركة على حماية هذا الموروث الشعبي الأصيل، ويُساهم في ضمان استدامته ونقله بكافة تفاصيله الحرفية والرمزية للأجيال القادمة، وتُشكل هذه الخطوة إشارة واضحة على الوعي المتزايد بأهمية الحفاظ على الهوية الثقافية في ظل التغيرات العالمية المتسارعة، ويُعزز من مكانة هذه المهارات اليدوية كفن حي يجب رعايته ودعمه.
تأتي هذه المساهمة الكويتية في ملف “البشت” لتضيف إنجازاً جديداً إلى سجلها الحافل في مجال التراث العالمي، وسبق لدولة الكويت أن أدرجت ستة عناصر ثقافية أخرى في القائمة التمثيلية العالمية للتراث الثقافي غير المادي، وتضمنت هذه الإدراجات ممارسات وتقاليد متنوعة، مما يُظهر التزام البلاد بالحفاظ على مكونات هويتها، ويُؤكد على دور المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في متابعة هذه الملفات وتوثيقها وفقاً للمعايير الدولية، وتُبرهن هذه الجهود على أن الكويت ركن أساسي في صون الموروثات الثقافية الخليجية والعربية.
شملت قائمة الإنجازات الكويتية السابقة إدراج “الحناء: الطقوس والممارسات الجمالية والاجتماعية” في عام 2024، وسبقها إدراج “النخيل: المعرفة والمهارات والتقاليد والممارسات” في عام 2022، وأُدرج أيضاً في نفس العام “برنامج السدو التعليمي – تدريب المدربين على فن النسيج”، ويُعد هذا التركيز على التعليم والتدريب دليلاً على رؤية الكويت لاستدامة التراث، ويعكس حرصها على عدم الاكتفاء بالتوثيق بل العمل على التوريث العملي للمهارات، وتُكمل هذه العناصر التراثية جهوداً سابقة لإدراج “الخط العربي: المعرفة والمهارات” في 2021، و”النسيج التقليدي للسدو” في 2020.
يُشكل البشت، كجزء من الملبوسات التقليدية، رمزاً للأصالة والمكانة الاجتماعية في منطقة الخليج والعديد من الدول العربية، وتتطلب صناعته مهارات دقيقة وخبرة طويلة في التعامل مع الأقمشة وخيوط الزري الثمينة، وتُعد هذه المهارات، بدءاً من الحياكة وصولاً إلى التطريز، فناً متوارثاً عبر الأجيال، ويُسهم إدراج اليونسكو في حماية هذه المهن من الاندثار، ويُعزز من مكانة الحرفيين الذين يُحافظون على هذا الفن اليدوي العريق، ويُلهم الجيل الجديد لتعلم هذه الممارسات والحفاظ على استمراريتها، مما يُثري التنوع الثقافي الإنساني.
سيعمل هذا الاعتراف العالمي على فتح آفاق جديدة للتبادل الثقافي والمعرفي حول “البشت”، ويُتيح الفرصة للباحثين والمختصين لدراسة عمق هذا العنصر الثقافي وتاريخه، ويُرسخ مكانته كجسر يربط بين مختلف الثقافات العربية المشاركة في الملف، ويُقدم نموذجاً ناجحاً للكيفية التي يمكن بها للدول أن تتحد لحماية تراثها المشترك، ويُؤكد على أن التراث غير المادي يُعد عنصراً حيوياً في بناء جسور التفاهم بين الشعوب، ويُشجع على المزيد من المبادرات العربية المشتركة لحماية كنوزها الثقافية المتبقية، ويُعزز من الفخر بالهوية والتاريخ.





