وجهات سياحية

الميدان يستيقظ.. الدرعية تنسج فضاءها الأخضر بذاكرة الوادي

افتتحت هيئة تطوير بوابة الدرعية رسمياً حديقة الميدان الجديدة الكائنة في حي الخالدية العريق، وذلك تحت رعاية كريمة من محافظ الدرعية، الأمير فهد بن تركي بن عبد العزيز آل سعود، وتضم الحديقة في جنباتها مركزاً مجتمعياً متكاملاً، صُمم بأسلوب معماري مميز خصيصاً لخدمة سكان الدرعية، وتقديم حزمة من الأنشطة والخدمات المتنوعة بشكل مستمر، مما يعزز الترابط الاجتماعي بين السكان.

تتربع حديقة الميدان على مساحة شاسعة تبلغ حوالي 14 ألف متر مربع من المساحات الخضراء، ويتميز تصميمها الكلي بأنه مستوحى بعمق من الكود العمراني المستمد من تاريخ وادي حنيفة وروافده الطبيعية، وتأتي هذه المبادرة في إطار جهود الهيئة الرامية لتوحيد وتناغم الهوية العمرانية للمنطقة بأسرها، وتفعيل متطلبات الكود العمراني للوادي على جميع المناطق والمساحات العامة.

تضمن هذه الجهود المشتركة تحقيق التكامل والتناغم المطلوب في النسيج العمراني الشامل، وذلك ضمن النطاق الإشرافي المحيط بـ بوابة الدرعية التاريخية، وتتضمن مرافق الحديقة الجديدة مسجداً مصمماً بطراز معماري أصيل، بالإضافة إلى مركز مجتمعي متعدد الاستخدامات، إلى جانب المرافق الخدمية الأخرى الأساسية المصممة لخدمة الزوار والمقيمين بشكل يومي، وهذا يرسخ من مبدأ توفير كافة الخدمات الأساسية.

يقدم المركز المجتمعي الملحق بالحديقة مجموعة واسعة ومتنوعة من الخدمات والوظائف، التي تستوعب مختلف الفعاليات والأنشطة الاجتماعية والثقافية والترفيهية المتنوعة، وتشتمل هذه المرافق على مكتبة عامة مزودة بأحدث الكتب والمراجع، ومقهى هادئ يقدم المشروبات والمأكولات الخفيفة، ومساحات مخصصة ومرنة للأنشطة الاجتماعية واللقاءات الجماعية، مما يشجع على التفاعل المباشر بين أفراد المجتمع المحلي.

يشتمل المركز أيضاً على مساحات عمل مشتركة (Co-working spaces) مجهزة بالكامل، وهي تخدم المهنيين والشباب الباحثين عن بيئة عمل ملهمة وفعالة، بالإضافة إلى تخصيص منطقة آمنة ومجهزة بالكامل لضيافة الأطفال والاعتناء بهم تحت إشراف متخصص، وهذا يتيح للأسر الاستمتاع بكامل مرافق الحديقة دون قلق على صغارهم، مما يعزز من مفهوم المرافق الصديقة للأسرة.

يُجسد تصميم الحديقة في كافة تفاصيله روح الدرعية العميقة وقيمها الراسخة التي تتسم بالتآلف والانسجام بين الأفراد، كما يؤكد على الاعتزاز الدائم بالهوية الوطنية والتاريخية للمنطقة، ويعكس أيضاً الارتباط الوثيق والمقدس بالطبيعة المحيطة بوادي حنيفة، لتُشكل الحديقة بذلك بيئة مجتمعية عصرية ونابضة بالحياة والحركة، وهي تعزز التواصل والتكاتف بين جميع أفراد المجتمع المحلي.

تأتي هذه المبادرة النوعية والجديدة تجسيداً قوياً لالتزام هيئة تطوير بوابة الدرعية الراسخ في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 الطموحة، وتُظهر مساهمتها الفاعلة والملموسة في رفع مستوى جودة الحياة للسكان والزوار على حد سواء، كما تسهم هذه المشاريع في زيادة الرقعة والمساحات الخضراء المتاحة داخل المدينة، وفي تعزيز المشاركة المجتمعية الحقيقية والفعالة.

تُسهم هذه الإضافات النوعية والجريئة في البنية التحتية الاجتماعية بشكل مباشر في تعزيز مكانة الدرعية العريقة، كرمز تاريخي وثقافي مهم يحكي قصة نشأة الدولة السعودية الأولى، وتُعد هذه الخطوة جزءاً من سلسلة أعمالها التطويرية المتواصلة وغير المنقطعة، التي تهدف إلى تحويل الدرعية إلى وجهة عالمية للثقافة والسياحة والعيش الرغيد، وهذا ما يتوافق مع الرؤية الشاملة.

يُشير هذا الافتتاح إلى أن التنمية في الدرعية لا تقتصر فقط على المشاريع السياحية الكبرى، بل تشمل أيضاً البنية التحتية المجتمعية التي تخدم السكان بشكل مباشر، وتؤكد الهيئة على أهمية الحفاظ على الطابع المعماري المحلي، وذلك من خلال تطبيق الكود العمراني الخاص بوادي حنيفة، والذي يضمن أن تكون المنشآت الجديدة متناغمة مع التراث النجدي الأصيل والمميز.

تُعزز حديقة الميدان دور الدرعية كمركز اجتماعي وثقافي حيوي، حيث توفر مكاناً آمناً ومجهزاً للمناسبات والاحتفالات العامة والخاصة، مما يعيد إحياء مفهوم “الميدان” التاريخي الذي كان يمثل نقطة التقاء رئيسية للسكان، وتُعد هذه المشاريع نموذجاً يحتذى به في التنمية الحضرية، التي تضع الإنسان ورفاهيته وجودة حياته في صميم أولوياتها التخطيطية.

يُتوقع أن تشهد الحديقة إقبالاً كبيراً من العائلات والأفراد، لتصبح متنفساً طبيعياً هاماً لهم، ومكاناً مثالياً لممارسة الرياضة والأنشطة الترفيهية في الهواء الطلق، وهذا التركيز على المساحات المفتوحة يتسق تماماً مع الأهداف البيئية لرؤية 2030، التي تشدد على الاستدامة وزيادة الغطاء النباتي الأخضر لمواجهة التحديات المناخية.

تبين هذه المبادرة الناجحة مدى الاهتمام بتحقيق التوازن الدقيق بين الحداثة والتراث، حيث يتم استخدام أحدث التقنيات والمرافق لخدمة مجتمع يتسم بالأصالة والتمسك بالهوية، وهذا يجعل من حديقة الميدان مثالاً حياً على كيف يمكن للمشاريع التطويرية الكبرى أن تساهم بشكل مباشر في تحسين معيشة الأفراد وتعزيز الروابط الاجتماعية بينهم بفعالية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى