أرقام صادمة تعيد رسم خرائط الكشف عن المخاطر الصحية الصامتة
كشفت دراسة حديثة أجراها مركز ماونت سيناي الطبي الأمريكي عن واقع مقلق، حيث تبين أن نحو نصف الأزمات القلبية لا يمكن رصدها بواسطة أدوات الفحص المعتمدة حالياً، مما يثير تساؤلات جوهرية وعميقة حول كفاءة النماذج الطبية المستخدمة، في تقييم مخاطر الإصابة المبكرة بأمراض القلب والشرايين التاجية.
وأوضحت النتائج العلمية المنشورة في دورية جيه إيه سي سي المتخصصة، أن الأدوات الشائعة لتقدير خطر النوبات القلبية صنفت شريحة كبيرة من المرضى، ضمن فئات الخطر المنخفض أو المتوسط رغم تعرضهم لاحقاً لأزمات حادة، وهو ما يشير إلى فجوة تقنية كبيرة في آليات التشخيص الوقائي المتبعة.
تعتمد هذه النماذج التقليدية في تقييمها بشكل أساسي على عوامل معروفة، مثل تقدم العمر ومستويات ضغط الدم ونسب الكوليسترول في الجسم، لكنها تعجز عن الكشف بدقة عن اللويحات الصامتة والمتراكمة في الشرايين، التي تنمو دون ظهور أعراض واضحة تنذر بوقوع الكارثة الصحية المفاجئة.
تؤكد الدراسة على ضرورة الانتقال نحو تطوير أدوات فحص أكثر تطوراً ودقة، تشمل دمج تقنيات التصوير والتشخيص المتقدمة لرصد التغيرات الشريانية في مراحلها الأولى، بما يسهم في تعزيز استراتيجيات الوقاية وتقليل معدلات الإصابة، التي تباغت المرضى والأطباء على حد سواء في كافة المجتمعات.
يستعرض الباحثون في المركز الطبي الأمريكي الحاجة الملحة لتحديث البروتوكولات الصحية، حيث تبين أن الاعتماد الكلي على المؤشرات الحيوية التقليدية لم يعد كافياً، لحماية الأفراد من النوبات القلبية الأولى التي قد تكون قاتلة، في ظل غياب الرقابة الطبية الدقيقة على حالة الشرايين الداخلية.
تشير الإحصاءات المستخلصة من البحث إلى أن قصور أدوات الفحص الحالية، يتسبب في تضليل المصابين بجعلهم يشعرون بأمان زائف تجاه حالتهم الصحية، مما يؤخر التدخلات العلاجية الضرورية التي كان من الممكن أن تنقذ حياتهم، لو تم رصد الخلل البنيوي في الجهاز الدوري بشكل مبكر.
تفتح هذه النتائج الباب أمام ثورة جديدة في عالم الطب الوقائي، تركز على ابتكار مجسات ونماذج ذكاء حيوي قادرة على استقراء الحالة الصحية، بعيداً عن مجرد قراءة الأرقام الظاهرية للفحوصات المخبرية المعتادة، وهو ما يتطلب استثمارات ضخمة في قطاع الأبحاث الطبية والتقنية التشخيصية.
تطالب الدراسة الجهات الصحية والمستشفيات بضرورة إعادة النظر في معايير الفحص الدوري، مع التأكيد على أهمية إدراج فحوصات تخصصية للفئات التي قد تظهر مؤشرات طبيعية، بينما تخفي أجسادهم مسببات أزمات قلبية وشيكة، تتجاوز في تعقيدها عوامل الخطر الكلاسيكية المعروفة للجميع.





