أسرار الشريان الذي لم يتوقف عن التدفق بتهامة
يمتد وادي حلي في جنوب محافظة القنفذة ليرسم ملامح الاستقرار البشري، حيث يبرز كواحد من أهم الأودية الساحلية التي تفيض بالمياه والتاريخ العريق، ويشكل عبر العصور المتعاقبة ركيزة أساسية للحضارة والنمو في هذه المنطقة التهامية.
تنساب مياه الوادي الصافية بسلام بين ضفاف تكتسي بالخضرة الدائمة والجمال، وتتناغم فيها الأشجار الكثيفة لتخلق لوحة طبيعية تمنح المكان خصوبة استثنائية وبهاءً، مما يجعله مقصداً فريداً للباحثين عن هدوء الطبيعة وسحر المجاري المائية المتدفقة.
ترافق مجرى المياه مساحات شاسعة من النخيل الباسق والسهول الزراعية الخصبة، وتحتضن هذه الأراضي قرى عريقة جعلت من صوت خرير الماء نبضاً يومياً مستمراً، مستفيدة من ميزة الجريان الدائم التي يفتقر إليها الكثير من الأودية المجاورة.
تزدهر الزراعة في محيط الوادي بفضل وفرة الموارد المائية والتربة الغنية بالمغذيات، وينتج المزارعون محاصيل متنوعة يأتي في مقدمتها التمور الفاخرة وفاكهة المانجو الشهيرة، مما يعزز الدور الاقتصادي والغذائي الذي يلعبه هذا الشريان الحيوي لأهالي المنطقة.
يكتسب الوادي في الوقت الحاضر قيمة ثقافية وبيئية متجددة تجذب الزوار، وتدعم مقومات السياحة الطبيعية والريفية ارتباطه الوثيق بمواقع تاريخية تزيد من جاذبيته، ليظل شاهداً حياً على علاقة الإنسان الوثيقة بالأرض وقصة الذاكرة التي لا تنتهي.
يستمر وادي حلي في تقديم نفسه كنموذج فريد للتنمية المستدامة والجمال، ويحافظ على مكانته كأحد أبرز المعالم الطبيعية في ساحل البحر الأحمر بالمملكة، حيث تتضافر فيه عناصر الطبيعة والتاريخ لتروي حكاية النماء والازدهار التي عاشتها تهامة.





