انعكاس الهوية الوطنية في أطباق حي الرامس وسط العوامية
دشنت هيئة فنون الطهي مهرجان المأكولات الشعبية في محافظة القطيف، حيث احتضن حي الرامس بوسط العوامية فعاليات هذا الحدث الثقافي الذي يمتد حتى الثلاثين من شهر ديسمبر الجاري، ويهدف المنظمون من خلال هذه المبادرة إلى تقديم تجربة استثنائية تتيح للجمهور اكتشاف أسرار المطبخ السعودي العريق، وضمان استمرارية التراث الوطني في ظل المشهد المعاصر.
يبرز المهرجان ثقافة الطعام المحلية باعتبارها ركيزة أساسية من ركائز الهوية الوطنية السعودية، إذ توفر المنصات المخصصة للطهي الحي فرصة لمشاهدة طرق إعداد الأطباق التقليدية وأساليب تقديمها المبتكرة، ويشارك نخبة من المختصين والطهاة في استعراض مهاراتهم أمام الزوار، مما يضفي صبغة تعليمية وتفاعلية على رحلة البحث عن المذاقات الأصيلة.
يحتوي الموقع على ستة أجنحة متنوعة تستعرض أصنافاً متعددة من المأكولات والمشروبات، وتعتمد جميع هذه الأطباق على استخدام مكونات محلية طازجة تعكس ثراء البيئات الجغرافية المختلفة في مناطق المملكة، ويستطيع الزائر التنقل بين هذه الأركان للتعرف على التنوع المناخي والزراعي الذي ساهم في تشكيل المذاق السعودي الخاص، وتكوين صورة ذهنية شاملة عن الموروث الغذائي.
يقدم الحدث باقة من التجارب الثقافية المصاحبة التي تهدف إلى إثراء معرفة الزوار، حيث يتم التعامل مع الطعام بوصفه قيمة معرفية وتاريخية تتجاوز مجرد كونه وجبة للتناول، وتتضمن هذه التجارب مساحات مخصصة لتذوق المأكولات الشعبية التي يتم تحضيرها بلمسات احترافية، بالإضافة إلى توفير عينات من المشروبات المبتكرة المستخلصة من المحاصيل الزراعية السعودية الفاخرة.
خصصت الهيئة جناحاً متكاملاً للأطفال لضمان مشاركة جميع أفراد العائلة في هذه الاحتفالية، وتوفر المساحات التفاعلية بيئة تعليمية ترفيهية تربط الأجيال الناشئة بجذورها الثقافية بطريقة مبسطة وجذابة، وتسود المكان أجواء عائلية دافئة تعبر عن روح اللقاء الاجتماعي الذي يشتهر به أهالي المنطقة، مما يحول الزيارة إلى ذكرى اجتماعية مميزة تعزز الروابط المجتمعية.
تأتي هذه الجهود التنظيمية ضمن سعي هيئة فنون الطهي لتعزيز حضور المطبخ السعودي في المحافل المحلية والدولية، وتعمل المبادرة على حفظ الموروث الغذائي وتوثيقه وتقديمه للناس بأساليب عصرية تناسب تطلعات الجيل الجديد، ويساهم هذا التوجه في دعم الصناعات الثقافية المرتبطة بالغذاء، وتحويلها إلى رافد حيوي يخدم الاقتصاد المحلي ويعرف بتراثنا الغذائي المتنوع.
ينسجم المهرجان مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 الرامية إلى إبراز التنوع الثقافي، ويعد الحدث منصة مثالية لتسليط الضوء على المقومات السياحية التي تمتلكها محافظة القطيف، حيث يتكامل جمال المكان التاريخي مع جودة المحتوى المقدم، ليخلق وجهة سياحية نابضة بالحياة تستقطب المهتمين بفنون الطهي من مختلف مدن المملكة، وتؤكد على ريادة الهوية السعودية.
تستمر الفعاليات في استقبال محبي التراث والمذاق يومياً لتلبية شغفهم بالتعرف على فنون الطهي، ويعد المهرجان دعوة مفتوحة لكل من يبحث عن الأصالة في قالب من البهجة والتنظيم الاحترافي، حيث تجتمع الرائحة الطيبة مع الحكايا القديمة في قلب حي الرامس، لتسطر قصة نجاح جديدة في مسيرة حفظ الهوية السعودية وإبراز كنوزها الثقافية المتميزة.





