محمية سعودية تحصل على لقب “السماء المظلمة”.. ما هي
سجلت المملكة العربية السعودية إنجازاً بيئياً جديداً بإدراج صحراء النفود ضمن المواقع العالمية للسماء المظلمة، حيث يعزز هذا التصنيف مكانة المملكة في قطاع السياحة الفلكية، ويسهم في تلبية الطلب المتزايد على التجارب الطبيعية الغامرة لمراقبة النجوم في بيئة نقية.
حصلت حديقة النفود للسماء المظلمة الواقعة بشمال وسط المملكة على الاعتماد الرسمي من الهيئة العالمية، لتصبح بذلك أكبر حديقة متخصصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتنضم إلى محميتي العلا منارة والغراميل اللتين تتميزان بأقل مستويات تلوث ضوئي في المنطقة.
تغطي هذه الحديقة الطبيعية مساحة شاسعة تصل إلى ثلاثة عشر ألفاً وأربعمائة وستة عشر كيلومتراً مربعاً، وتقع في منطقة حائل وتحديداً شرق طريق حائل الجوف، وتشتهر بتراثها الغني وحياتها البرية المتنوعة التي تضم كائنات نادرة مثل المها العربي وقط الرمال.
توفر الكثبان الرملية الشاسعة في هذه المنطقة واحدة من أكثر وجهات التخييم شعبية في الخليج العربي، حيث تمنح الزوار فرصة استثنائية لاستكشاف الصحراء ومراقبة الأجرام السماوية، بفضل ما تتمتع به سماء الليل هناك من صفاء وظلام مثالي لرؤية النجوم بوضوح تام.
دشنت الهيئة الدولية للسياحة والسفر مركز زوار منتزه السماء المظلمة ليكون وجهة تعليمية وتثقيفية، حيث يستضيف المركز سلسلة من فعاليات علم الفلك ومراقبة النجوم الموجهة للجمهور خلال فصل الشتاء، بالتزامن مع تطوير المرافق السياحية والخدمية المجاورة للصحراء بشكل كامل.
تقدم المشروعات السياحية الحديثة في صحراء نفود الكبير مثل مخيم ليف إقامة فاخرة، وتوفر هذه المنشآت غرفاً على شكل قبة وأماكن جلوس خارجية مجهزة، تتيح للنزلاء ممارسة أنشطة متنوعة تشمل مراقبة النجوم وركوب الجمال والمشي لمسافات طويلة في قلب الطبيعة.
أكد المسؤولون في الهيئة الدولية أن اعتماد منتزه النفود سيساهم في زيادة الشهادات البيئية للمملكة، كما يمثل خطوة استراتيجية نحو تعزيز ريادة السعودية في مجالات الاستدامة وحماية الطبيعة، مما يشجع السياح والمقيمين على استكشاف الكنوز الفلكية التي تحتضنها الصحراء.
تضع رؤية السعودية ألفين وثلاثين السياحة الفلكية كركيزة نمو أساسية ضمن خطط التنمية السياحية المتخصصة، حيث ترتكز الجهود الحالية على الحفاظ على السماء المظلمة وتطوير تجارب صحراوية فاخرة، مع استمرار العمل في مواقع جديدة مثل وجهة البحر الأحمر العالمية.
تهدف المملكة من خلال هذه المبادرات إلى دمج رحلات مراقبة النجوم المصحوبة بمرشدين متخصصين، مع تقديم دروس في التصوير الفلكي ومبادرات تعليمية في الوجهات السياحية الكبرى، ليشمل ذلك مناطق العلا والوادي وجسر البحر الأحمر بما يحقق تجربة متكاملة للزوار.
بدأ منظمو الرحلات السياحية والفنادق فعلياً في تقديم تجارب مصممة خصيصاً بقيادة خبراء فلك محليين، حيث تجمع هذه الأنشطة بين مراقبة النجوم ورواية القصص البدوية القديمة، وجلسات السمر حول النار وتناول وجبات العشاء التقليدية تحت سماء الصحراء الصافية ليلاً.
يساهم الاعتماد الدولي الجديد في جذب شريحة واسعة من المهتمين بعلوم الفضاء والتصوير الضوئي، مما يرفع من القيمة الاستثمارية للمناطق المحمية ويخلق فرص عمل جديدة للسكان المحليين، الذين يمتلكون مهارات فطرية في معرفة المسارات النجمية والقصص التراثية المرتبطة بالكون.
تستمر الجهود الوطنية في تطوير البنية التحتية والمرافق اللازمة لاستقبال الأعداد المتزايدة من السياح، مع الالتزام التام بالمعايير البيئية الصارمة لضمان عدم تأثر صفاء السماء بالأنشطة البشرية، مما يضمن بقاء حديقة النفود كأيقونة عالمية للسياحة الفلكية المستدامة في المستقبل.





